حافظ أبو سعدة
هل يعدل البرلمان قانون الجمعيات؟
أعلن السيد رئيس الجمهورية قراراً بالتوجه لمجلس النواب بطلب إعادة النظر فى قانون الجمعيات الأهلية، وهو القانون الذى سبق أن وافق عليه مجلس النواب بمقترح قدمه رئيس لجنة التضامن ووقع عليه عدد من السادة النواب، تجاوز الرقم 180 عضواً، كما تجاهل المجلس الطلب الذى قدمته الحكومة بانتظار مشروع الحكومة، وتمت الموافقة على المشروع فى وقت قياسى، وتم الاعتراض على القانون من مؤسسات وجمعيات المجتمع المدنى الحقوقية والتنموية والخيرية، وحدد الرئيس فى طلبه التوجه إلى مجلس النواب بإعادة مناقشة قانون الجمعيات الأهلية، بما يتناسب مع طبيعة عملها ودون الإخلال بالدستور واعتبارات الأمن القومى، ويمتلك الرئيس صلاحية وفقاً للدستور المادة 123 فى إصدار القوانين أو الاعتراض عليها، فإذا اعترض على مشروع قانون أقره مجلس النواب رده إليه خلال 30 يوماً من إبلاغ المجلس إياه، فإذا لم يرد فى هذه المدة اعتبر قانوناً ونُشر فى الجريدة الرسمية، أما إذا رد فى الموعد المحدد فيجب أن يتم تعديله أو إقراره مرة أخرى بأغلبية ثلثى أعضاء مجلس النواب، وبالتالى فإن البرلمان أمامه أيضاً خياران وفقاً للنص الدستورى، إما الإصرار على إصدار القانون كما تم الانتهاء منه، وهذا يتطلب أن يحصل القانون على تصويت ثلثى مجلس النواب وهى أغلبية خاصة أى ما يفوق 350 عضواً من أعضاء البرلمان، أو التفاعل بإيجابية مع طلب السيد الرئيس وفى هذه الحالة فعليه أن يعيد مناقشة القانون، وفى هذه الحالة يجب على المجلس أن يطلب من الحكومة أن تقدم مشروع القانون الذى سبق أن أعدته وزارة التضامن الاجتماعى بعد التشاور مع مؤسسات المجتمع المدنى، الذى بالفعل يعد من القوانين القليلة التى تم التشاور المجتمعى حولها، فقد تمت مناقشة هذا المشروع مع أكثر من 600 جمعية أهلية، فضلاً عن الاتحادات الإقليمية والنوعية والاتحاد العام للجمعيات.
فى الحقيقة فإن قانون الجمعيات الذى أقره مجلس النواب حظى بانتقاد على نطاق واسع، بما فى ذلك المؤسسات الدولية المانحة التى نظرت إلى القانون وكأن هدفه النهائى هو إغلاق مؤسسات المجتمع المدنى وسيطرة الحكومة والأجهزة الأمنية بشكل خاص على المجال المدنى والمنظمات غير الحكومية، وبالتالى فإن المنظمات الدولية غير الحكومية أيضاً قررت الانسحاب من مصر فى حالة إقرار مثل هذا القانون الذى يصادر العمل الأهلى، فضلاً عن وضع قيود فى الرقابة والتحكم فى نشاطها فى لجنة تضم كل الأجهزة الأمنية والشرطية والعسكرية، وهو أمر غير مسبوق فى أى قانون للجمعيات الأهلية فى أى دولة من دول العالم، وقد سبق للحكومة أن التزمت بإعداد قانون جمعيات جديد مغاير للقانون القائم أمام لجنة حقوق الإنسان بجنيف عام 2014 أثناء مناقشة التقرير الدورى الشامل، وبما يعطى حرية العمل والإنشاء والتمويل للجمعيات والمؤسسات الأهلية، بل قررت وقف أى إجراءات ضد الجمعيات القائمة وغير المسجلة حتى يتم إصدار القانون، لا سيما أن وزارة التضامن كانت قد أصدرت قراراً فى عام 2014 يلزم كل المؤسسات والكيانات غير المسجلة بالتسجيل خلال 45 يوماً وإلا تحل وتصفى قانوناً، لكن بعد تدخل المجلس القومى لحقوق الإنسان تراجعت وزارة التضامن، ونقل السيد وزير الشئون القانونية والعدالة الانتقالية فى ذلك الوقت هذا القرار إلى مجلس حقوق الإنسان الذى رحب بهذه الخطوة.
فإذا قرر مجلس النواب الموافقة على طلب السيد رئيس الجمهورية بإعادة النظر فى قانون الجمعيات الأهلية فالرجاء استبداله تماماً بمقترح قانون الجمعيات الأهلية الذى سبق أن أعدته الحكومة وأطلعت عليه ممثلين للمجتمع المدنى فى أكتوبر 2016 وتم إدخال تعديلات جاءت من ممثلى الجمعيات المصرية، فهل يعدل المجلس قانون الجمعيات؟