الوفد
عباس الطرابيلى
تحرير مخالفات.. لا يكفى
فى شهر واحد ضبطت مديريات التموين بالمحافظات، 20 ألف مخالفة فى نوفمبر وحده.. وهى مخالفات متعددة منها 3000 مخالفة للمخابز. وغالبا فى عدم الالتزام بالوزن المحدد لرغيف العيش.. وربما فى تهريب الدقيق.. أو حتى فى نوعية الرغيف نفسه.. بجانب 17 ألف مخالفة للمحال التجارية والشوادر.
وحسنا فعلت مديريات التموين. ولكن هل يكفى تحرير المخالفات عقابا للذين يتلاعبون بأسعار السلع الغذائية وأيضا يتلاعبون بالأوزان.. أم أن هؤلاء وهم أكثرية العاملين بمديريات التموين - يكتفون بتحرير المخالفات ويعتبرون ذلك إبراء لذمتهم وأنهم «يحللون» المرتبات والحوافز والبدلات التى يحصلون عليها من الدولة.. رغم أن معظمهم إذا خرج للتفتيش على التجار والباعة لا يخرجون إلا مرة فى الأسبوع وربما كل أسبوعين.
<< والظريف أن هذه المخالفات تأخذ طريقها إلى المحاكم سواء كانت من الجنح أو غيرها وتمر بكل مراحل التقاضى.. وكثيرًا ما تلجأ الدولة إلى إلغاء هذه الغرامات بل وإلغاء الأحكام، لأسباب أمنية أو سياسية أو هما معًا.. وغالبًا ما يتم هذا الإلغاء قبل أى انتخابات - كما كان يحدث فى السابق!!
ومصر تملك جهازين، الأول: مفتشو التموين وشرطة التموين. ودائما ما تنجح وزارة التموين بأنها لا تمتلك جهازًا لتنفيذ هذه الأحكام.. وبالتالى يضيع أثر تحرير هذه المخالفات، بطول المدة.. أو تسقط بالإعفاءات.
<< وإذا كان هذا العدد - ويصل إلى 20 ألف مخالفة فى الشهر الواحد فإن هذا يعنى أن هناك حوالى ربع مليون تاجر يخالفون القواعد والأصول فى السنة الواحدة.
ولكننى أرى أن المخالفات على أرض الواقع - أكثر من ذلك بكثير.. وبالذات فى الشهور الأخيرة، وبالذات منذ بدأت لعبة القط والفأر، لعبة الدولار.. إذ لا يوجد عندنا تاجر واحد لا يلعب فى الأسعار.. واللعب هنا ليس مرة فى الشهر. ولا حتى فى الأسبوع، ولكن على مدار ساعات اليوم الواحد. فالتاجر يكاد يحجب ما عنده من سلع أكثرها ضروري إذا سمع شائعة بارتفاع سعر الدولار.. حتى لو كان من باعة الفجل والجرجير دون اعتبار للأسعار التى اشترى بها.. ويقوم فورًا بتعديل أسعار ما عنده من سلع، وهذه - فى الدول المحترمة - مخالفة سلوكية تهدد التاجر بغلق متجره.. أما عندنا، فنحن نكتفى بتحرير المخالفات.
<< وكلنا نشكو من بطء إجراءات التقاضى، حتى فى الجرائم التى تمس حياة الإنسان أما مشاكلنا مع المخالفات والجنح - واللعب فى الأسعار مجرد ضجة.. بالأمور تطول وتتطور.. وإذا صدر الحكم فهو مجرد مخالفة مالية.. يكون التاجر قد حصل على أضعافها طوال مدة المحاكمة!!
هنا لماذا لا يكون العقاب وقتيًا.. وفى مدة أقصاها أسبوع.. فالتهمة واضحة ولا تحتاج إلى تحريات تطول وتطول. ولا نحتاج إلى قرائن.. أو محامين عباقرة.
<< لماذا يا وزير التموين - يا سيادة اللواء محمد على مصيلحى - لا تأخذ من اسمك نصفه الأول، أى محمد على، وتملك اتخاذ قرارات إغلاق المحل الذى تكررت المخالفات ضده. وأن يعلن على الناس - وعلى باب المحل أن المحل مغلق لمخالفة أخلاق البيع الحميدة.. أو أنه يغش فى الميزان ويتربح.. ويستغل الظروف أو يحجب ما عنده من سلع.. وأن يتضمن العقاب نوعا من التجريس فى الشارع أو الحارة وأمام المحل بإعلان نوع الجريمة.. ونوع العقوبة، وإذا كان صعبا - فى هذا العصر - تجريس التاجر المخالف فلا أقل من تجريس المحل بعد إغلاقه لمدد حسب الجريمة.. ليعرف القاصى والدانى جريمته.. فيتوقف عن التعامل معه.
<< وتلك وسيلة شعبية لمعاقبة المخالفين!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف