نبيل فكرى
مساء الأمل .. الشباب.. من شرم إلي البحيرة
بعد ثورة يناير.. أو "هوجة يناير" التي لا أدعي أنني حضرتها. فقد كنت خارج البلاد وقتها ولا أملك إلا الدعاء والبكاء.. بعدها تغيرت النظرة إلي الشباب. فهو عمليا صانع كل شيء. وشيئا فشيئا أصبح كل الحسنات والعورات.. بل يمكن أقول إنه وحده تحمل أوزار الثورة واختطافها ثم ذبولها. قبل أن تدب الحياة في أوصال الوطن من جديد بثورة يونيو. وقد كان الشباب أيضا عمادها. لكن الشباب هنا لم يكن هو نفسه الذي كان هناك.
عدت من الخارج. أدرك عن يقين أن لهذا البلد مخزونا استراتيجيا هائلا. وأنه مهما عصفت بها الأنواء. فإن لديه من يستطيعون التغيير. لكن معايشة الواقع لأكثر من عامين الآن. أظهرت تباينا كبيرا بين ما ظننت وما رأيت. فالحقيقة أن الشباب في معظمه تائه. والحقيقة أنه علي عكس أجيال كثيرة. مطلوب منه أن يتحمل تبعات كثيرة. والحقيقة انه يستطيع لكنه مكبل. والأهم أنه حتي الآن وبرغم كل دعاوي التمكين. لم يتمكن من شيء. ولا زال الكبار أو العجائز يقررون عنه. وحتي حين يتحدثون عنه أو يمنحونه الفرصة. فهم من يقفون بجوانب المسرح. ويكتبون السيناريو ويوزعون الأدوار.
من هنا. كان المؤتمر الوطني الأول للشباب بشرم الشيخ فارقا. ومفصليا. ولو لم نجن منه فائدة سوي أن بعض الشباب تحدثوا لكفانا.. لو لم تكن له فائدة سوي أن الرئيس أعلم كل من حوله انه يريد الشباب. فذلك كاف. فقد عشنا سنوات شبابنا الزاهية نستمع فقط. ولا أجافي الحقيقة إن قلت إن الصمت كان عاما. والضجيج لم يكن سوي في ملاعب الكرة. وكل من يظن غير ذلك كان تمثيليات متفقا عليها.
وحتي لا يقال إن مؤتمر شرم الشيخ كان لفئة بعينها. وإن شباب مصر ليسوا من تلك النوعية "الإيليت" التي تجمعت في "الويك اند" بمدينة السلام. كان علي المحافظات أن تستلهم الفكرة. وأن تجعل من نفسها امتدادا طبيعيا للنهر القادم من هناك. وهو ما أدركه جيدا الدكتور محمد علي سلطان محافظ البحيرة. الذي بدأ فور انتهاء مؤتمر شرم الشيخ في الإعداد لمؤتمر الشباب الأول بالبحيرة. بعدما تلاقي فكره مع طرح بعض المقربين والمثقفين بالمحافظة. ومنهم الزميل محمود دوير. الكاتب بالأهالي والبديل. والذي يقتضي الانصاف أن نقول إنه من أعمدة الفكرة ومسانديها ومنظميها.
الدكتور سلطان. يري - ومعه كل الحق - ان البوح ومجرد الكلام مفيد. وأن الاستماع إلي الشباب أصبح "فرض عين" كما أنه ليس من أنصار القضايا الفضفاضة والكلام الانشائي الكبير. والتوصيات لديه أول طريق القرارات. ولذا أصر أن يكون كل شيء في المؤتمر الذي يقام السبت المقبل. بسيطا. مؤكدا أن المؤتمر لو أثمر عن عدة قرارات واستمع فيه الكبار إلي الشباب كما ينبغي. واستمع الشباب إلي أنفسهم. وأدركوا أنه لا أحد يريد اقصاءهم. لكان ذلك كافيا.
الدكتور سلطان ايضا - وهذا مهم - أعد لمؤتمر لائق. ولكن بنفقات بسيطة. ينفق البعض أضعافها علي محاضرة هنا أو هناك. وربما علي بدلات لجنة من "اللجان إياها". فهو يدرك جيدا وضع البلد وأنه لم يعد تحتمل الهدر ولا الإسراف.
أخيرا. يحسب لجامعة دمنهور أنها فور أن تلقت دعوة المحافظة لترشيح بعض طلابها للمشاركة في المؤتمر. نظمت ندوتها "مصر أولا" كرافد من روافد الحوار الوطني للشباب. لتهيئة الشارع للحدث. ولتحفيز الطلاب علي الحضور. وأيضا كدعاية للحدث الأهم. وهو أمر محمود. ولا يجب أن يفسر من قبل البعض بأنه تضارب. فالجامعة "بيت الوعي" تدرك ما تفعل. ولا يمكن أن تهدر طاقاتها إلا في صالح الوطن. ومواقفي السابقة من الجامعة في قضية ما. لا تمنعني من الشد علي أيدي من نظموا "الندوة" وأن أقول لهم "أحسنتم". وما قدمتموه لمؤتمر البحيرة الأول للشباب أفضل دعاية.
** ما قبل الصباح:
* لا أحد يستطيع هزيمتك "مثلك".. حين تكون عدو نفسك تأكد أنك في معركة خاسرة.