المساء
محمد جبريل
ع البحري .. أبوالمعاطي أبوالنجا
مع تعدد إسهامات محمد أبوالمعاطي أبوالنجا في حياتنا الثقافية. فإنه قد ظلم نفسه. وظلمناه. حين تواري دوره الفاعل بهذه الإسهامات التي شكلت تكوينا مهما في الوجدان العربي.
أول مرة قرأت اسمه في مجلة "الرسالة الجديدة" التي كان يرأس تحريرها يوسف السباعي. قدم نفسه للسباعي في كلمات تقطر رقة: متي يتاح لي أن أكتب في المجلة؟
كتب أبو المعاطي في الرسالة. وفي غيرها من المجلات الثقافية. فيض من الإبداعات القصصية التي يصعب اغفالها في المشهد الثقافي منذ الخمسينيات.
ورغم الحفاوة التي لقيتها رائعته "العودة من المنفي" عن حياة عبد الله النديم. فإنها لا تزال بعيدة عن التفات النقد. توظيف رائع لحياة قيادة مهمة في ثورة العرابيين. لكنها لم تحصل علي الموضع الذي تستحقه في الدراسات الأكاديمية. اقتصرت رسائل الماجستير والدكتوراه علي أربع روايات تناولها الدكتور حلمي القاعود في كتابه الرائد عن الرواية التاريخية المصرية. ثم اعتبر الأكاديميون إعادة قراءة الروايات التي تناولها القاعود غاية المراد من رب العباد. وعانت رواية أبو النجا غربة بين الروايات التاريخية. أو التي توظف التاريخ.
وجعل أبو المعاطي من برامج المنوعات في الاذاعة زادا ثقافيا. فلم تقتصر مواد الاذاعة غير السياسية علي المتعة والترفيه. وإنما أضاف إليها حصيلة معرفية لافتة في برامجه حول الأسرة البيضاء. وبين جيلين. وفنجان شاي. وجميعها قدمتها الاذاعية الكبيرة سامية صادق. ولطبيعة تلك البرامج فقد كان الجندي المجهول هو دور أبو المعاطي أبوالنجا.
الدور نفسه يحسب لأبي المعاطي أبوالنجا منذ كلفه يوسف السباعي بإنقاذ مجلة "القصة" من إحدي عثراتها. أعاد منهجة المجلة. وأتاح للأصوات الموهوبة أن تحصل علي الفرص التي تستحقها.
اتصل بي في اليوم السابق لسفره إلي الكويت. قال إنه سيحاول توسيع مجال اسهاماته في مجلة "العربي" التي كانت - وما تزال في تقدير الكثيرين - أهم المجلات الثقافية العربية. ذلك ما فعله أبو النجا من خلال مشاركته في المجلة الكويتية. دعا كبار المبدعين والنقاد والمفكرين من أقطار الوطن العربي للكتابة في "العربي". وتحولت المجل بالفعل إلي مثل للمجلة الثقافية. وهو ما دفعني شخصيا للإلحاح علي أهمية أن تكون لنا مجلة تقاربها في المستوي. إن لم تفقها بحكم وفرة الطاقات المبدعة والمثقفة.
ظل أبو المعاطي أبو النجا قريبا من الفعل الثقافي. مبدعا ودارسا ومحررا. قدر ابتعاده عن الترويج الاعلامي. وحين عاني مرض الموت لم يشر الاعلام - كما يفعل مع الأقل موهبة وثقافة وتأثيرا - إلي تطورات حالته الصحية. حتي انتقل إلي رحاب الله.
لعل الشعور بالذنب هو ما ينبغي أن يعانيه من أمتعهم إبداع أبو النجا. وأفادتهم تأملاته. وحصلوا علي فرص النشر بنظرته الواعية. وأغفلوا حقه في ريادة الرواية التاريخية!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف