بسيونى الحلوانى
لوجه الله .. 3 ملايين مواطن بالبحيرة ينتظرون قرار وزير الصحة
كلما ساقني القدر لدخول مستشفي ايتاي البارود العام لزيارة مريض من اقاربي أو أهل قريتي "نكلا العنب - بحيرة" خرجت وانا في حالة أسي وحزن علي ما آل إليه حال المرضي في المستشفيات الحكومية وما يعاني منه الفقراء ومحدودو الدخل للحصول علي أبسط الخدمات الصحية.
وحتي نكون منصفين فإن هذه المعاناة لا ترجع الي تقصير أو إهمال من الأطباء الذين يعملون في هذا المستشفي الكبير والذي يستقبل مئات المرضي كل يوم فضلاً عن حوادث الطرق المختلفة التي تحيط به من كل جانب.. فهم كما أراهم يبذلون جهودهم لانقاذ مرضاهم وتخفيف معاناتهم في حدود الامكانات المتاحة. فالمشكلات التي تواجههم من زحام شديد من المرضي في مختلف التخصصات ونقص في المستلزمات الصحية ظاهرة تعاني منها مختلف المستشفيات الحكومية لكنها في البحيرة وفي مستشفي ايتاي البارود تحديدا أكثر حدة.
والذين يعانون من قصور الخدمات الصحية في المستشفيات الحكومية بالبحيرة ليس المرضي وحدهم لكن المعاناة الأكبر تقع علي اسرهم الذين يحملونهم ويسافرون بهم الي مستشفيات في المحافظات الأخري بحثا عن فرصة للعلاج وتمسكا بأمل في الشفاء وكثير من الأسر تنفق كل ما لديها من مدخرات وقد تبيع ما يمكن بيعه من أجل علاج الأب أو الزوج أو الابن ولو كانت الدولة تقدم ما يحتاجه هؤلاء الفقراء ومحدودي الدخل من رعاية صحية ما فعلوا ذلك.
***
خلال زيارة لقريتي وجدت إحدي الأسر محدودة الدخل تتأهب للسفر بمريضهم الذي يعاني من ورم لعمل جلسة علاج بالإسكندرية وان أجر السيارة التي ستحملهم الي هناك تنتظرهم وتعود بهم 400 جنيه تدبرها الأسرة بصعوبة.. فسألتهم: الا يوجد مستشفي لعلاج الأورام في ايتاي البارود الذي يصل عدد سكانه أكثر من مليون ونصف المليون مواطن وبه الآلاف من مرضي الأورام؟
قالوا: لا يوجد علاج للأورام لا في ايتاي البارود ولا في المراكز التي تحيط به وهي "كوم حمادة والدلنجات وشبراخيت" وعدد سكان هذه المراكز مجتمعة يزيد علي ثلاثة ملايين مواطن وبالتأكيد في ظل انتشار وشيوع الأورام نتيجة الاهمال والطعام الفاسد والمياه الملوثة تكتظ المراكز الأربعة بمرضي الأورام ومعظمهم من الفقراء ومحدودي الدخل الذين يعانون مع اسرهم من السفر للعلاج في المحافظات المجاورة خاصة ان معهد الأورام بدمنهور يكتظ بالمرضي ونادراً ما يجد المرضي فرصة للعلاج به فضلاً عن امكاناته المحدودة لا تسمح باستيعاب كل او حتي بعض مرضي الأورام بالبحيرة.
***
اتصلت بالصديق العزيز إيهاب حجازي - وهو من المقيمين بالبحيرة ويعرف تفاصيل ما يعاني منه أهلنا - وسألته: ألم يفكر المسئولون عن الصحة بالبحيرة في اقامة مركز لعلاج الأورام يخفف من معاناة المرضي وأسرهم؟
قال: بالفعل هناك حاجة ماسة لمركز لعلاج الأورام بايتاي البارود لاستقبال آلاف المرضي الذين يذهبون الي المحافظات المجاورة بحثا عن فرصة علاج وقد تم تخصيص قطعة ارض بجوار المحكمة ملك للتأمين الصحي لهذا الغرض منذ فترة طويلة ولم يتم توفير الاعتمادات المالية لها حتي الآن رغم ما تنفقه الدولة من مليارات علي الرعاية الصحية.
لذلك اضم صوتي الي صوت أهالي مراكز: ايتاي البارود وشبراخيت وكوم حمادة والدلنجات ونناشد جميعا وزير الصحة د.أحمد عماد ورئيس الهيئة العامة للتأمين الصحي د.علي حجازي باستدعاء ملف هذا المركز او المستشفي الذي يحتاجه آلاف المرضي واسرهم فهذا واجبهما بحكم المسئولية الوظيفية وبحكم المسئولية الانسانية. فمريض السرطان يتعلق هو واسرته بالأمل في العلاج ويحتاج الي من يخفف عنه عناء السفر وتكاليفه وهذا ابسط ما تقدمه له الدولة خاصة ان الحكومة تعلن دائماً انها تخصص جزءاً كبيراً من ميزانيتها للعلاج والتأمين الصحي.
***
لم تعد الرعاية الصحية في مصر شكلاً من أشكال الوقاية من الأمراض ولا وسيلة لتحسين الحياة.. بل أصبحت وسيلة إنقاذ لا بديل عنها خاصة اننا نواجه طوفانا من الأمراض القاتلة.. وفي ظل الغلاء الفاحش الذي طال كل شيء ومغالاة الأطباء في أجورهم وارتفاع أسعار الأدوية المستوردة والمحلية لا يجد المواطنون الغلابة إلا المستشفيات العامة ودعم الدولة لهم لانقاذ من يمكن لانقاذه من مرضي الأورام.
الدولة مسئولة عن رعاية مرضاها خاصة الفقراء ومحدودي الدخل ومسئولية وزير الصحة ورئيس هيئة التأمين الصحي توفير سبل العلاج لهؤلاء وعدم الانشغال عنهم برعاية وتوفير العلاج الفاخر لاصحاب الصوت العالي والنفوذ هنا وهناك.
الآلاف من مرضي الأورام بالبحيرة ينتظرون قراراً من وزير الصحة بإحياء مستشفي الأورام بإيتاي البارود.