الجمهورية
المستشار محمد محمد خليل
خواطر مصري .. رئيس محكمة الاستئناف المستشار طلعت نخلة
كان الذهاب إلي مدينة أسيوط للعمل بمحكمة الاستئناف. لابد أن يسبقه طلب بإبداء الرغبة في مكان ونوعية العمل. أرسلت طلباً بالفاكس للعمل رئيساً بإحدي دوائر الجنايات بالمحكمة محدداً فيه اسم عضوي يمين ويسار الدائرة اللّذيْن أبديا الرغبة في العمل معي.
انتابني كإنسان نوع من القلق. وأنا أتهيأ للعمل في مكان جديد بعيد عن موطن اقامتي بما يزيد عن مسافة ستمائة كيلو متر لكنه عمل القاضي الذي يحتم عليه التنقل إلي أكثر من مكان طوال عمله القضائي. وإن كنت لم أغترب كثيراً في الزمن الفائت.
وصلنا إلي الاستراحة لأجد مكاناً مناسباً تماما. وهي فيلا جميلة تحوطها حديقة مثمرة تحت حراسة آمنة أعدت لمستشاري محاكم الجنايات.
تبدد القلق. وحلّت مكانه الراحة النفسية والسعادة التي جاءت مع زيارة معالي المستشار الجليل طلعت سعيد نخلة رئيس المحكمة حين أخبره مدير مكتبه بوصولنا. وكان قد كلفه بذلك.. جاء ليلاً لزيارتنا والترحيب بنا.. وهذا تصرف لم نعهده في كثير من المحاكم سواء أنا أو غيري من القضاة.
كان لقاء أخوياً كريماً دار الحديث فيه بين الترحيب محيياً مبتسماً وبين التمنيات بقضاء عام قضائي سعيد وراحة كاملة وأمن وأمان إذ أن ذهابنا إلي أسيوط كان في دوامة الأعمال الإرهابية مبدياً لنا استعداده لتلبية أية طلبات نراها لازمة ليكتمل شعورنا بالراحة وتبديد الشعور بالغربة. جلسنا معه. وكأننا نعرفه من قبل. وتطور الحديث عن طنطا خاصة ووجه بحري عامة وعند انصرافه. وجه إليّ طلباً لم أكن أتوقعه. إذ قال: بالله عليك أن تقرأ لي الفاتحة عند مقام سيدي أحمد البدوي هكذا قالها. سعدت بطلبه. وقلت له: هذه هي مصر ربطت بيننا جميعاً مسلمين ومسيحيين.. مصر التي لم يعرف شعبها التعصب الأعمي ولا الكراهية التي تقوم علي التفرقة. مصر التي عاشت عمرها منذ دخول الإسلام اليها عام 641 ميلادية حتي الآن يجمع المواطنين فيها حب الأرض والدفاع عن العرض واختلط بها دم المصري مسلم ومسيحي في مقاومة الفرنسيين أيام الحملة الفرنسية. وفي مقاومة الانجليز منذ سنة 1882 حتي الجلاء سنة 1956 وفي ثورة 1919 يوم أن هتف الناس في مصر "يحيا الهلال مع الصليب" يوم أن صعد القسيس علي منبر الأزهر ليخطب في الناس يحمّسهم للثورة..
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف