لم يعد أحد يتحدث عن الصراع العربى الإسرائيلي، لقد احتجب هذا الصراع واختفى وراء صراع آخر غطى عليه تماماً، وهو الصراع العربى العربي، والصراع الإسلامى الإسلامي. اقتتل أبناء العائلة الواحدة ونسوا أن هناك عصابة تقتحم عليهم الباب وانشغلوا بخلافاتهم الشخصية، كل واحد يحاول أن يصفى حسابه بالتصفية الجسدية للآخر، وإسرائيل تتسلل من غرفة إلى غرفة وتضع يدها على الأرض وتبنى المستوطنات، وتطرد السكان وتقتل وتشرد وتعتقل مُطلَقة اليد ومُطلَقة السراح بلا حسيب أو رقيب، وكأنها المالك الوحيد لكل شىء .. والناس فى غفلة. لماذا يقتتل العربى والعربى ولماذا يختلف المسلم والمسلم ؟ لأن البعض مع روسيا ويرفع رايتها، والبعض الآخر مع أمريكا ويرفع رايتها، ولكن يا عرب روسيا وأمريكا اتفقتا وهما تنسقان معاً المنافع والمصالح، فبأى عذر يقتتل الأذناب ويختلف الأتباع إذا كان الرؤوس اصطلحوا، فهل العرب أكثر ولاءً للبيت الأبيض والكرملين من الأمريكان والروس أنفسهم ؟! ولكن أفيقوا يا سادة فالبساط يسحب من تحت اقدامنا جميعاً وسوف تنقلب كل الكراسى وينهدم البيت إذا ظل كل واحد منا فى غفلته ولن يفوز العميل حتى بأجر عمالته . أن الشعارات الحزبية والطائفية واليسارية التى ألقيت على البلاد العربية لم تروج لمصلحة أى فريق ، بل روجت لبث الخلاف والشقاق والفرقة، ولتفتيت الأمة شيعاً وأحزاباً يذيق بعضها بأس بعض، ولتتسلط فئة قليلة على قواعد جماهيرية عريضة تغسل مخها كل يوم بالإعلام الموجه، وبضوضاء الهتافات والمسيرات.
والوطن العربى اليوم يشهد ثمرة تلك الفتنة، والعرض مازال مستمراً، ثم هذا اللغم الإسلامى الذى زرعوه فى بلادنا وأشعلوا طرفه بذكاء وحذر، فإذا بطوائف إسلامية عديدة تخرج علينا بأسماء مختلفة ترفع راية الإسلام، وتُحرم باسمها كل شىء وترفض جميع المؤسسات الديمقراطية بكل أشكالها، وتطالب بإبطال العقل وبتكفير الاجتهاد، وبرفض المنهج العلمى، وتقول إن نظامنا الاقتصادى حرام، والفن حرام، والتليفزيون حرام، والرسم حرام ، والخدمة فى جيش الدولة حرام، وتقبيل علم الوطن وثنية، والاشتغال بوظائف الدولة مساهمة فى الكفر. فإذا سألتهم ماذا تريدون ؟ قالوا نريد أن نعيش كما كان يعيش النبى محمد صلى الله عليه وسلم ولا نزيد. فإذا قلت للواحد منهم: ولكنك تركب سيارة وتحمل على كتفك مدفع كلاشنكوف ، والنبى محمد صلى الله عليه وسلم كان يركب البعير وكان يقاتل بالسيف، فكيف تحِل لنفسك ما تحرمه على غيرك؟ وكيف تستعين بعلوم الكفار ومخترعات الكفار؟ حينئذ يصاب بالبكم والخرس وربما أسكتك برصاصة من مدفعه، ولكن البوليس سوف يكتشف ما هو أكثر فسوف يجد فى جيبه دولارات ، وسوف يعثر فى بيته على أجهزة لاسلكية.. مثل هذا العميل هو بعض ما زرع الكيان الصهيونى فى أرضنا من ألغام لتفتيت الإسلام من داخله، ولابد أن نجد أنفسنا ككتيبة توعية لتحارب هذه الفتنة وتقتلعها من جذورها. إننا نعيش حرباً خفية ونصطدم كل يوم بتلك العقبات، وهى غير الحرب الإقتصادية المعلنة علينا من الكبار، وغير الغزو الفكرى الذى يتسلل إلينا مع الكتب والأفلام والمسلسلات، فأفيقوا أثابكم الله.