المساء
يسرى حسان
من يحمي بلطجة "أوبر"؟
المسألة - حتي تكون علي بينة - فيها جزء شخصي. لكنه ينسحب علي مجمل الأوضاع في مصر. فأنت في هذا البلد. الذي يقولون إنه أمين. لا تستطيع الحصول علي حقوقك. خاصة إذا كانت هذه الحقوق لدي مؤسسة أو شركة أو شخص مسنود أو بلطجي. لا أحد سيسأل فيك وكأن الدولة تقول لك "خذ حقك بيديك".
أحكي لك عن مشكلة وقعت فيها ابنتي مع شركة "أوبر" استقلت سيارة من المنزل إلي جامعتها. الرحلة تقطعها يوميا وتدفع في "التوصيلة" خمسين جنيها. لكن السائق "لف" الكرة الأرضية واتخذ طرقا غريبة ومجهولة وفي طريق مقطوع أوقف السيارة وطلب منها 250 جنيها أو تنزل من السيارة. البنت أصيبت بالرعب ولم تستطع سوي الاتصال بوالدتها لتتفاهم مع السائق. فما كان منه إلا أن سبها هي وأمها بألفاظ يعاقب عليها القانون. وفي النهاية حصل منها علي 150 جنيها. هي كل ما معها. وهددها بأنه سيأتي إلي بيتها للحصول علي ما يدعي انه باقي مستحقاته.
"المساء" نشرت الواقعة بتفاصيلها ونشرت اسم السائق ورقم هاتفه. والبنت أرسلت شكوي إلي الشركة. وانتظرنا الرد ولكن أحدا لم يرد سواء علي ما نشرته "المساء" أو علي الشكوي التي تم إرسالها إلي الشركة.
تجاهل الشكوي دلالته خطيرة. فمعناه أن الشركة توافق علي ممارسة البلطجة. بل وربما تحرض عليها. ومعناه كذلك أنها لا تبالي بشكاوي المواطنين لأنها مسنودة من جهة بعينها أو شخص بعينه.
في مصر لا تستبعد أن يكون هناك من يفرض حمايته علي مثل هذه الشركة ما يجعلها مطمئنة أن أحدا لن يحاسبها مهما ارتكبت من أخطاء ومهما قام سائقوها بأعمال بلطجة وقلة أدب.
في أي دولة تطبق القانون وتحترم مواطنيها. لو حدثت مثل هذه الواقعة لا نقلبت الدنيا رأسا علي عقب. وما بات المسئولون ليلتهم إلا وقد أعادوا الحق لأصحابه وعاقبوا المخطئ.
لم ترد الشركة. وتوقعت أن يتحرك جهاز اسمه "حماية المستهلك". ليس مهما أن أتقدم بشكوي إليه. فالواقعة منشورة في جريدة قومية واسعة الانتشار والمفترض أن لدي الجهاز مكتبا إعلاميا يرصد ما ينشر في الصحف. لكن الجهاز لم يفعل شيئا.. ويبدو أن هناك علاقات مصالح مع الشركة. لا تستبعد شيئا كهذا في مصر.
قلت لك إن المسألة فيها جزء شخصي لكنه ينسحب علي مجمل الأوضاع في مصر. أنا عن نفسي نشرت مستندات حول وقائع فساد في وزارة الثقافة ونشر غيري مثلها عن وقائع فساد في وزارات ومؤسسات أخري. وانتظرنا أن يحدث شيء. ولم يحدث أي شيء. لا رد ولا تحقيق وكأنهم يقولون لنا "موتوا بغيظكم".
ماذا نفعل إذن حتي نسترد حقوقنا؟ هل مطلوب منا أن نمارس البلطجة لنحصل عليها بمعرفتنا؟
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف