الجمهورية
عبد الرحمن فهمى
الخطابة والصحافة.. لها رجالها
قليلون جدا الذين يجيدون الخطابة وفي نفس الوقت هم صحفيون كبار وكتاب لهم وزنهم وتاريخهم.. لعل أبرزهم طه حسين وفكري أباظة وعبد المنعم الصاوي وكامل زهيري وغيرهم.. أطرف قصص الجمع بين الكتابة والخطابة كانت في حفل تكريم حسين حجازي رائد كرة القدم المصرية الذي دخلت انجلترا في عز أوجها حينما كانت تسمي الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس من كندا غربا إلي الهند شرقا مرورا بمصر - دخلت انجلترا في صراع مع مصر علي حجازي.. انجلترا تريد اعطاءه الجنسية ليلعب باسمها ومصر. وبالتالي حجازي يرفضان هذا الذي كانوا يسمونه أيامها "شرفا" وأي شرف.. كانت القصة في نقابة الصحفيين أيام فكري أباظة الذي قدم حسين حجازي ليتحدث عن ذكرياته فوقف حجازي أمام الميكرفون ولم ينطق بكلمة.. وظل كذلك دقيقة ثم أخري وهو وقت طويل جدا ولا وقت المباراة الاضافي علي الفريق الذي يريد الاحتفاظ بفوزه بهدف استروبيا.. ثم بدأ حسين حجازي يمسح دموعه.. هنا نهض فكري باشا من كرسيه بسرعة وأمسك بالميكرفون وبدأ خطابه قائلا:
- أنا في الحقيقية محرج أشد الحرج في أن اخطب فيكم بعد الخطبة الرائعة لحسين حجازي.. ان صمت حسين حجازي أقوي من كل الكلمات.
****
وفي حفل آخر أيضا في نقابة الصحفيين لتكريم مدام سميحة أيوب.. قالت سميحة:
- نحن قوم لا نكتب ولكننا نقرأ.. نقرأ ما يكتبه آخرون.. نقرأ بطريقة لا يستطيع كل الناس أن يقرأوا بها.. لأننا محترفون قراءة.. نقرأ ما يكتبه غيرنا ومع ذلك يصفق لنا الجمهور كأننا نحن المؤلفون.. الآن تريدونني أن اخطب.. طيب.. يا أيها الصحفيون اكتبوا الآن وأنا سأخطب فيكم ما تكتبون!! ثم لا تصفقوا لي.. ولا تصفقوا لمن كتب لأنه سيكتب "الغث" الذي يكتبه كل يوم في الجرنال.
وضحكت سميحة أيوب وسط ضحك وتصفيق كل من في الصالة.
***
أما عبد المنعم الصاوي.. أحد اساتذتي حينما كان يعمل في جريدة "المصري" كان الذراع الأيمن لثروت عكاشة حينما ادخلا حاجة اسمها "الثقافة" في بر مصر.. ثم وكيلا لأول وزارة ثقافة ثم نقيبا للصحفيين ثم رئيسا لمجلس إدارة وتحرير الجمهورية ودار التحرير ثم انهي حياته وزيرا للثقافة والاعلام معا.
ايضا في حفل في نقابة الصحفيين لتكريم فريق مصر للكرة بعد بطولة ما في الستينيات.. طلب عبد المنعم الصاوي من حنفي بسطان كابتن الزمالك وكابتن مصر أن يلقي خطاب الحفل.. فقال له حنفي بسطان انه جاد ليأكل لا أن يخطب.. ثم سأخطب من؟.. رغم انني متزوج إلا أن كل السيدات والبنات الجالسات أمامي من الصعب أن تختار أحدهن.. وهكذا وهو مازال جالساً في مقعده لم يقم.. وهو يقول: انا بتاع نكت وكلام فارغ.. لو سمحتم لي سأقول لكم بعض النكت الحديثة.. وكانت حفلة رائعة ضاحكة حنفي بسطان كان يكتب في الجمهورية كل أسبوع في عمود ضاحك جدا.
أما أخونا الكبير كامل زهيري فهو خطيب رائع له خلفية ثقافية.. يعرف القاهرة القديمة حارة حارة بل والأزقة أيضا.. ويعرف تاريخ كل منها.. والخطيب المثالي له صفات محددة مجتمعه في كامل زهيري ومن قبله وأثناء حياته طه حسين والخطيب الذي يشدك حتي النهاية وتطلب المزيد.. اسم حسن البنا.. قل عندما شئت ولكن السرادقات التي كان يخطب فيها كان الوقوف أكثر من الجلوس.
أعود إلي كامل زهيري فيكفيه أن أقول عنه إنه الملقب ب "النقيب الدائم".. رحم الله الجميع.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف