اللواء د. محسن الفحام
إلي الأمان .. "مصــــــر تســـــتطيع"
سبق أن التقيت عدة مرات بالوزيرة المجتهدة نبيلة مكرم عبيد وزيرة الهجرة وشئون المصريين في الخارج وتناقشت معها في أكثر من موضوع كان من أهمها الهجرة غير الشرعية واستشعرت مدي اهتمامها بتلك القضية والتي كانت تعتبرها قضية جيل من شباب الوطن الذي من الممكن أن يكون ثروة قومية تساهم في بنائه ورفعة شأنه.. ومنذ عدة أيام استطاعت هذه الوزيرة المتميزة أن تقنع قرابة ثلاثين عالما من خيرة علمائنا في الخارج باللقاء معهم في مدينة الغردقة لمناقشة هموم وطنهم الأم ووضع رؤية مستقبلية لهذا الوطن تحت عنوان كله أمل وتفاؤل وهو "مصر تستطيع".
وكان من دواعي احترامي لهذا التجمع العلمي المتميز أنه ضم أحد الخبراء المصريين العالميين المتخصصين في إدارة الأزمات والكوارث وهو ذلك العلم الذي أحاول من خلال ما درسته وحصلت فيه علي درجة الدكتوراه أن أقف علي أحدث الدراسات التي تتناوله.. وإذا هي موجودة في وجود المهندس أحمد رياض وهو المصنف كأحد أفضل الاستشاريين في هذا المجال علي مستوي العالم.. وعندما تابعت آرائه وأفكاره في هذا المجال شعرت أننا بالفعل من الممكن التعامل مع أي أزمة مستقبلية خاصة مع إعلان الحكومة مؤخرا تشكيل لجنة لإدارة الأزمات والحد من الكوارث.. إلا أن هناك بعض المتطلبات يجب أن تتحقق حتي لا تتحمل الحكومة وحدها إدارة ما قد نتعرض له من أزمات أو كوارث.. لعل أهمها.. ضرورة توعية للمواطن وتأهيله للتعاون مع الجهات المعنية فور حدوث الأزمة وهذا بالطبع يستلزم تدريبه عليها من خلال برنامج توعوي مستمر.. بالإضافة إلي إنشاء وتطبيع رؤية استراتيجية تعمل علي مساعدة الدولة للوصول إلي المرونة والمقدرة علي امتصاص الحوادث والكوارث والأزمات المفاجئة وضمان استمرارية العمل خلال حالات الطوارئ الناتجة عنها وذلك لتحقيق الحد الأدني علي الأقل من تقديم الخدمات المطلوبة من مؤسسات الدولة.. كذلك ضرورة إعداد برنامج وطني للتوعية والتدريب علي التعامل مع تلك الأزمات وتهيئة الجهات الحيوية داخل الدولة لتكوين جهات بديلة مرنة تستطيع الإحلال لتلك المواقع التي تأثرت بالأزمات أو الكوارث.. كما يتضمن هذا البرنامج وضع إطار لتقييم المخاطر المحتملة وتحديدها وتحليلها للوصول إلي وضع الحلول الكفيلة للتعامل من خلالها.
في الواقع أن ما تفضل به هذا العالم الشاب المتميز ليس جديدا علي ما سبق أن عرضناه في أكثر من مناسبة وندوة ومقال.. وإنما الجديد بالفعل هو طلب ضمان استمرارية عمل تلك الكيانات المقترح إنشاؤها علي مدار العام.. وألا يقتصر عملها علي مجرد الوقت الذي تحدث فيه الأزمات.
كما أن الجديد الذي قدمه أيضا برنامج ناطق باللغة العربية لكيفية حماية القطاعات والمنشآت الحيوية في الدولة.. والذي نأمل أن نستفيد منه جميعا.. وأخيرا عرض أيضا استعداده لتدريب عشرة من الشباب المصري التابعين لبرنامج رئاسة الجمهورية للقيادة ليكونوا نواة جديدة للتعامل مع هذا العلم وتلك الإدارة بمفهوم أكثر تطورا وإدراكا.. ويبدأون بعد ذلك في تدريب كوادر أخري في كافة قطاعات الوطن.
نعلم جيدا في هذا العلم أن أول مرحلة من مراحله هي الأهم علي الإطلاق وهي مرحلة علامات الإنذار المبكر التي لو تعاملنا معها بجدية واهتمام سوف نستطيع أن نتجنب خسائر ومخاطر كبيرة نحن جميعا في غني عنها.. ولهذا فإنني أتمني أن تهتم الجهات المعنية بهذا العرض وأن تتبني تلك الأفكار خاصة وأننا علي أعتاب فصل الشتاء وما فيه من تقلبات جوية نعاني منها جميعا في كل عام.. ناهيك عن تلك الأزمات المصطنعة كاختفاء السلع الاستراتيجية بفعل فاعل لإحداث توترات ومشكلات بين أفراد الشعب خاصة تلك الفئة التي تمثل أغلبيته وهي الفئة العاملة والمتوسطة.
لا يسعني في النهاية إلا أن أوجه الشكر للوزيرة نبيلة مكرم عبيد ولهؤلاء العلماء المصريين الذين نتشرف بهم دائما ونأمل أن يكون لهم بصمتهم الواضحة والسريعة علي جبين وطنهم الكبير.
وتحيا مصر