عبد الرحمن فهمى
ذكريات .. حكايات صحفية قديمة
هناك لغز منذ أكثر من ثلاث أرباع قرن.. منذ أواخر الثلاثينيات.. لماذا لم نقم مصنعاً لإنتاج الورق البوبين.. وهو ورق الصحف وغير الصحف؟؟؟ رغم شدة الحاجة اليومية له ورغم مشاكل استيراده.. خاصة الآن.. والارتفاع المستمر في ثمن الدولار؟!!
حاول الدكتور السيد أبوالنجا فقام بإنشاء "مصنع ورق" اسمه "ركتا" الذي أنتج كل أصناف الورق عدا البوبين.. اتضح أن البوبين الضخم له مصانع مخصوصة ويحتاج لآلات معينة.. اكتفت شركة ومصانع "ركتا" بما تنتجه من ورق.. حتي النتائج السنوية بالشهور والأيام.. ثم كانت الحكومات المتتالية تشتري الورق وتخزنه في البنوك وتبيعه بسعر مخفض جداً للصحف فنسي الجميع حكاية مصانع البوبين.. ومات الدكتور السيد أبوالنجا وأعتقد أن شركة "ركتا" لازالت موجودة تمد السوق بكل أنواع الورق عدا البوبين.
من المناظر المألوفة في ميناء الإسكندرية مكان له أسوار من الأسلاك الشائكة مخزون فيه بوبينات الصحف التي يتم نقلها بالتدريج إلي مخازن البنوك في سيارات خاصة كبيرة الحجم جداً.
***
عادت هذه المشكلة للظهور في بداية تولي المرحوم صلاح سالم رئاسة "الجمهورية" حينما زاد حجم طباعة كتب وزارة التربية والتعليم زيادة رهيبة.. كانت "الجمهورية" متولية مسئولية طبع هذه الكتب.. ثم ظهرت فكرة توزيع الكتب علي مطابع الصحف القومية وأصر صلاح سالم علي أن تكون "الجمهورية" صاحب النصيب الأكبر لأنها تعتمد في ميزانيتها السنوية علي إيراد طبع الكتب.. وقد كان.. بعد أن حسمها رؤساء الجمهوريات حتي أيام مبارك.. ثم تطورت الأمور بمرور الأيام كشيء طبيعي!!!
***
بمرور الأيام.. زادت الكميات المطلوبة بزيادة عدد المدارس.. ثم حدث أن تأخرت "الجمهورية" في تسليم كل الكمية مرة واحدة في عام ما.. حدث ارتباك في المحافظات كل محافظة تريد نصيبها قبل بداية الموسم.. طالبت صحيفتا "الأهرام" و"الأخبار" بزيادة نصيبهما من "طبق الفتة"!!!! افتقدنا صلاح سالم رحمه الله فقد كان في مثل هذه المواقف يحل أكبر وأصعب مشكلة في ثوان.. مجرد تليفون.. يكفي أنه عين زميلنا مصطفي البحيري ملحقاً بسفارتنا في لندن بمجرد تخرجه في الجامعة ــ في نفس عام التخرج!!!! ــ بمكالمة تليفونية!!!
تحمل المرحوم مصطفي بهجت العضو المنتدب لدار التحرير.. تحمل مسئولية الحفاظ علي النسبة المقررة لـ "الجمهورية" كانت حكاية شبه مستحيلة.. خاصة أن عبدالمنعم الصاوي رئيس مجلس إدارة دار التحرير كان قد ترك منصبه بأيام.. ومقالات وأعمدة محسن محمد "من القلب" الذي تولي رئاسة الدار عقبه.. كانت صراحة وجرأة محسن محمد لا تؤهله لطلب أي استثناء.. وفي الوقت المناسب في آخر لحظة العلاقة الحميمة للأخ سمير رجب نائب رئيس الدار بمبارك حلت الإشكال.
شفي الله سمير رجب.. قد يكون لك رأي خاص فيه.. ولكن لا شك أن كل من في الدار يدينون له بلمسات إنسانية رائعة.. قد أكون علي اختلاف في كل وجهات النظر والاتجاهات معه.. ورغم ذلك أدين له بمواقف له معي ومع بناتي لا تنسي منتهي الشهامة.. ثم هذا الصرح الشامخ الذي أصبح أهم علامات شارع رمسيس الطويل الذي تولي سمير رجب مسئوليته من الصفر.. هذا الصرخ الشامخ الذي نجلس فيه الآن وكلنا فخر.. سيظل هذا الذي ينافس ايموبيليا أحمد عبود.. سيظل مرتبطاً للأبد باسم سمير رجب شفاه الله.