المساء
مؤمن الهباء
شهادة - الحضور المباركي..!!
وأخيراً حضر مبارك احتفالات تحرير سيناء من جديد.. شاركنا بصوته من خلال مداخلة هاتفية مطولة ـ معدة ومرتبة مسبقاً ـ علي قناة "صدي البلد".. حيث ذكرنا بأنه بطل الطلعة الجوية التي فتحت باب الحرية.. وأنه رجل الحروب والانتصارات علي العدو الصهيوني.. وأنه العسكري الذي شارك في تحرير سيناء من الاحتلال الإسرائيلي.. وقد اختلفت الآراء في تقييم هذا الحضور المباركي.. البعض قال إنه استغل المناسبة من أجل "ترقيع سمعته السياسية" واستكمال الخطوة الجريئة التي بدأها نجلاه بالعزاء في والدة مصطفي بكري.. والبعض الآخر قال إنه حاول بطريقة ماكرة أن يربط الحاضر بالماضي.. وليقول للناس إن النظام الحالي امتداد لنظامه ولم يتغير شيء.. وأن أحكام البراءة التي حصل عليها هو ونجلاه وجميع رموز نظامه دليل دامغ علي حسن سيرهم وسلوكهم الجنائي والسياسي أيضاً.. وأن ما حدث في 25 يناير لم يكن أكثر من سحابة صيف انتهزها المتآمرون لنشر الفوضي في ربوع البلاد وتشويه صورته.. وسواء كان الصواب في جانب هذا التقييم أو ذاك فإن علينا أن ننتظر مزيداً من الحضور المباركي خلال الأيام والشهور القادمة من خلال مشاركته هو بشكل مباشر في وسائل الإعلام المختلفة أو مشاركة نجليه ورموز حكمه.. المسرح جاهز تماماً لذلك الحضور.. والصحفيون والإعلاميون الذين كانوا يسبحون بحمده ثم انقلبوا إلي ثوريين بعد التنحي وصاروا ينافقون الثورة والثوار عادوا الآن يسبحون بحمده بعدما تأكدوا أن حضوره يعطيهم الأمان.. وسبحانه الله العظيم موزع القدرات.. وقد حملت إلينا "اليوم السابع" في عدد الثلاثاء ـ أمس الأول ـ أن هناك صراعاً بين العديد من الفضائيات لإجراء حوار مع مبارك.. وهناك 3 قنوات تسعي لتوثيق السيرة الذاتية لحياته من خلال عدة لقاءات معه وأسرته لعرضها من خلال حلقات مسلسلة في رمضان القادم.. وسوف يتكلف إنتاج هذه الحلقات عدة ملايين من الجنيهات تتحملها القنوات مجتمعة.
وقالت "اليوم السابع" إن المداخلة التي أجراها مبارك مع "صدي البلد" أثارت الكثير من علامات الاستفهام حول عودة مبارك للظهور في المشهد السياسي والحياة العامة مرة أخري.. ومحاولته ترميم صورته التي تعرضت للتشويه علي مدي السنوات الأربع الماضية.
شخصياً.. ليس عندي مشكلة مع حضور مبارك "التاريخي" في احتفالات عيد تحرير سيناء وفي أعياد أكتوبر.. فهذا حقه الذي لا يمكن ولا يجوز إنكاره في حياته أو بعد مماته.. لكن عندي ألف مشكلة مع حضوره "السياسي" الذي يحاول فرضه لترميم صورته المشوهة.
وليس لدي مشكلة مع براءة مبارك "الجنائية" في القضايا التي حوكم فيها.. وهي أهون القضايا وأخفها.. خاصة أن البراءة جاءت لعدم كفاية الأدلة.. لكن لدي ألف مشكلة مع البراءة "السياسية" التي يحاول البعض اختراعها أو تلفيقها.. حين تتحدث عن الحضور السياسي أو البراءة السياسية لمبارك فهناك طرف آخر غائب عن الحوار.. أو يُراد تغييبه لصالح الحضور المباركي.. هذا الطرف هو الثورة التي قامت ضد مبارك ونظامه.. والتي وصفناها ذات يوم بأنها أعظم الثورات في تاريخ مصر.. حضور الثورة يتناقض تماماً ومباشرة مع الحضور السياسي لمبارك الذي يجري التسويق له.. ويتناقض مع براءته السياسية "المزعومة" في الجرائم التي لم يحاكم عليها بعد.. وسوف يكون علي الشعب المصري أن يختار من جديد بين الثورة وبين مبارك بكل تجلياته ومفرداته: تزوير الانتخابات.. قمع الحريات.. احتكار السلطة.. تفشي التعذيب.. الفساد.. انهيار الخدمات العامة في التعليم والصحة والإسكان.. نهب المال العام.. قتل الأحزاب.. انتشار الفقر والعشوائيات والبطالة.. زواج المال بالسلطة.. التوريث.. الحليف الاستراتيجي لأمريكا.. الكنز الاستراتيجي لإسرائيل.. إلخ.
لا يمكن أن يجتمع مبارك والثورة معاً.. هذا ضد حركة التاريخ.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف