فشل اجتماع وزراء الخارجية العرب الذى عقد فى 19 ديسمبر الجارى، لبحث الأزمة السورية فى أعقاب معركة حلب. وبالتالى خرج البيان الختامى للاجتماع ليعكس وجهة نظر السعودية وقطر بعد أن نصبت كل منهما نفسيهما كلاعب رئيسى فى الملف السورى رغم أنهما كانتا السبب الأكبر فى تفاقم الأزمة فى سوريا من خلال ضخهما مليارات الدولارات وعشرات الآلاف من أطنان الأسلحة للمعارضة السورية المسلحة على مدى ست سنوات.
جاء البيان المشترك لاجتماع وزراء الخارجية العرب مسايرا لرؤية السعودية وقطر فى ضرورة الإطاحة بالنظام السورى دون أى اعتبار لما قد يحدث للدولة بعد ذلك من تداعيات أولها الوقوع فى براثن الإرهاب أكثر وأكثر.واعتبر البيان أن ما يقوم به النظام السورى قد يرقى إلى جرائم حرب وانتهاك صارخ للقانون الدولى ومعاهدات جنيف الأربع.
كان بالإمكان فيما لو أرادت الجامعة العربية الحل أن تعطى الأولوية لمحاربة الإرهاب، ويتم التركيز على الحفاظ على وحدة الأراضى السورية واستعداد الدول العربية للمساعدة فى التوصل لاتفاق بين الحكومة السورية والمعارضة وتوفير الضمانات لتطبيق ذلك. إلا أن الاجتماع منى بالفشل وظهر عجزه أمام الاجتماع الروسى الإيراني التركى الذى عقد فى موسكو والذى أعطى الأولوية لمحاربة الارهاب والحفاظ على وحدة الأراضى السورية واستعداد الدول الثلاث للمساعدة فى التوصل إلى اتفاق بين الحكومة السورية والمعارضة مع توفير الضمانات لتطبيقه. وهكذا وضح لكل ذى عينين أن حل الأزمة السورية سيكون برعاية روسية إيرانية تركية لتطمر كل الصيغ السابقة مثل مفاوضات جنيف وفيينا لا سيما بعد انتصار سوريا فى حلب والذى مكنها من فرض أجندتها وبات الأساس المطروح هو اجتثاث الارهاب ممثلا فى داعش والنصرة وغيرهما لينطلق الجيش السورى بعد ذلك لتحرير تدمر وإدلب.
نجح المحور الروسى الإيراني التركى فى سحب البساط من تحت أقدام العرب النشامى، وظهرت روسيا كلاعب رئيسى قوى وهو ما دفع تركيا إلى أن تلتحق بعربتها لتكون جنبا إلى جنب مع إيران. وبالتالى لا يستبعد حدوث تغيير طفرى فى المواقف يحدو بتركيا إلى الاقتراب تدريجيا من النظام السورى، وإلى أن تطرح وجهة نظرها لتسوية سياسية للأزمة السورية ترتكز على اقامة حكومة وحدة وطنية سورية تضم بعض وجوه المعارضة.
ظهر وزراء الخارجية العرب فى اجتماع القاهرة لا حول لهم ولا قوة ولا فاعلية، فكانوا أشبه بوعاء فارغ. وظهر أفول اجتماع الجامعة العربية وفشله عندما لم يخرج إلا ببيان صادم لا يدعو إلى الحل وإنما يعكس تأزيم المواقف. على حين نجح المحور الروسى الإيراني التركى فى الإمساك بالملف السورى بعد أن عجز العرب الأشاوس عن فعل أى شىء. وكيف يفعلون والجامعة العربية تهيمن عليها دولتان تحتكران تسيير دفتها وتسعيان دوما إلى تفجير المنطقة وليس نزع فتيل الأزمات منها؟. وعلى العكس زرعوا الألغام وأججوا المواقف بهدف الاطاحة بسوريا الدولة.
نعم نجح المحور الروسى الإيراني التركى فى فرض أجندته وسحب البساط من تحت أقدام ثنائى الممانعة الذى يعانى من شبق قهرى يحدو به إلى دعم واحتضان الجماعات المسلحة سعيا لقلب الأنظمة فى الدول العربية الشقيقة وكانت سوريا هى النموذج الذى أرادوا الإطاحة به ولكن خاب فألهم.