الأخبار
عبد المنعم فؤاد
لا تخوّفوا المصريين بالأزهروالقرآن«٢/٢»
إننا نُعلم أولادنا آيات الجهاد لا لشيء سوي غرس الوطنية في نفوسهم ليدافعوا عن وطنهم ضد أي غاشم، يريد تدميره، كما نعلمهم أن هذا الجهاد لا يعني أبدا قتل النفس البريئة، فذلك جرم لا يغتفر، ومن أنزل آيات الجهاد للدفاع عن الوطن هو من قال: (من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا).
ويُلاحظ : ان لفظ النفس هنا قد جاء نكرة، وهو كما يقول علماء الذوق القرآني: للعموم، والإطلاق، فهو سبحانه لم يُحدد نفسا تنتمي إلي دين، أو مذهب، أو طائفة، أو قومية، أو عرق ما، فأي نفس مهما كان دينها مُحرّم قتلها، وهذا ما يُدرس بالفعل، حيث لم تُعط حصانة في كتاب ربنا لنفس مسلمة دون غيرها مطلقا.
فجميع الناس سواء في حرمة دمائهم، وإن دانوا بغير الإسلام، والنبي الكريم يقول: (لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يُصب دما حراما)، هذا هو منهج الأزهر الذي نفخر به، ولا يمكن لأي مسيحي أن يتخوف منه، بل يراه الإخوة المسيحيون : سندا قويا لمصر، والمسلمون يرون الكنيسة بنفس الرؤية، ومن ثمّ علي الذين يخوفون أهل مصر من الأزهر أن يتعقلوا.
وأخيرا أقول: إذا كان المراد حقا علاج التطرف الذي يُهاجم بلادنا فعلينا أن نستخدم ثقافة المواجهة الفكرية الشاملة والصريحة قبل المواجهة الأمنية، فالشرطة لا يمكن أن تواجه المتطرفين وحدها، بل لابد من المواجهة الفكرية المقنعة، وذلك من خلال ما يلي:
أولا : إعادة برنامج : (ندوة للرأي) في أوقات حيوية محددة، وفي كل وسائل الإعلام حتي يستفيد الجميع، وهذا البرنامج - الذي لا ندري من الذي أوقفه - تحمل فيه علماء الأزهر، والجامعات الأخري مهمة فتح الحوارات مع الشباب بكل أطيافة في الثمانينيات يوم كان الإرهاب والتطرف في أوج قوته، وجاءت الحوارات بنتائج هائلة في تصحيح الأفكار، ومعلوم أن الحوار منهج قويم استخدمه ابن عباس في صدر الإسلام، فحاور الخوارج، والمتطرفين بهدوء، وبرهان، فعاد الآلاف منهم لرشدهم.
ولاشك أن الوقت الآن أحوج ما يكون لعودة هذه الحوارات من جديد، ولابن عباس العصر الحديث.
ثانيا : إيقاف الإعلام الذي يثير الفتنة، ويضرب علي وتر الطائفية، ويستغل المواقف ليهاجم تُراث الأمة، ويتعرض لرموزها باسم تجديد الخطاب الديني، ولا يراعي مشاعر المصريين الذين يعشقون دينهم وتراثهم ورموزهم بقوة !.
ثالثا : لابد من تدريس مادة الدين في مدارسنا كمادة أساسية لا هامشية، ومادة الثقافة الإسلامية في الكليات، والتي قدمها الأزهر لمن يُريد تدريسها، وفيها تبسيط، وتعريف بكُبريات القضايا التي يعاني من فهمها الشباب: كالتكفير، والجهاد، والحاكمية، والتطرف، والإرهاب، والمواطنة الخ.
فلو تم تدريس الدين كمنهج أساسي في المدارس، والثقافة الإسلامية في الكليات لرأينا نتائج باهرة.
رابعا: لابد من تعديل الخطاب الثقافي وتوجيهه في البناء الفني والفكري النافع لا الاتجاه الأيديولوجي اللامفيد، والذي نراه- للأسف - يشيع بقوة مفرطة دون مراعاة للمصالح العليا للبلاد، وأمنها الفكري، والعقدي. والله المستعان.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف