المصريون
د . جمال المنشاوى
صيحة تحذير.. وصرخة نذير قبل فوات الأوان !!
أحتكُ بالناس كثيرًا من خلال عملي كطبيب, وأسمع منهم شكاوى مريرة, من غلاء الأسعار الجنوني والغير مسبوق, فأمُ تشتكي من سعر علبة اللبن التي وصلت لمائة جنيه وابنها لا يستطيع الاستغناء عنها, والمُدعَم وصل لـ43جنيه وغير موجود!, وآخر يبحث عن إنسولين ولا يجده, وثالث عن دواء للضغط مُختفي, والكل يضرب كفًا بكف, ويكلم نفسه من هذه الطفرة الغير مسبوقة في ارتفاع الأسعار, بعد قرار تعويم الجنيه والذي وصل بالدولار إلي ما يقارب العشرين منه!, كما قال الارتفاع مس جانباً واحداً من السلع أو الخامات, لكنه مس جميع مناحي الحياة وكل الخدمات والسلع, والعجيب والغريب أن السادة المسئولين بدءاً من رئيس الجمهورية وإنتهاءً بأصغر محافظ ومروراً برئيس الوزراء ومحافظ البنك المركزي طارق عامر دائماً مبتسمون, تملأ وجوههم البشاشة والسعادة, بنفس القدر الذي يظهر علي وجوه الناس من الكآبة والحزن والخوف من المستقبل, ولا أدري إلي الآن من هم الجهابذة الاقتصاديون المستشارون لرئيس الجمهورية الذين يشيرون عليه بهذه القرارات, وبالعمل في هذه المشروعات الاستعراضية التي استنزفت مدخرات المصريين وأموالهم دون عائد اقتصادي, أو مكسب مادي لهم, كمشروع قناة السويس الذي سحب 63 مليار جنيه دفعها الناس في أسبوع وعن طيب خاطر تأثراً بدعاية جوبلزيه حول عائدها, ومكاسبها ومميزاتها, وهدفها, ثم ظهر أنها لم تكسب شيئاً, وأنها مشروع استعراضي( لرفع الروح المعنوية للمصريين!) كما قال السيسي نفسه!, إذن فلم تكن هناك دراسات جدوى حقيقية, أو كانت لكنها لم تكن المُعلنة للناس, وهو نوع من الخداع الذي يُسقِط العقد الموجود والمبرم بين المسئول والشعب, ويفقده المصداقية تماماً, وكذلك بقية المشروعات التي تستنزف الأموال الطائلة التي تحتاجها البلاد لكبح جماح الأسعار وهو واجب الوقت الآن, لأن حالة اللامبالاة التي يعيشها المسئولون وعدم إكتراثهم بما يعانيه الناس, بل وإستفزازاهم ببسماتهم الصفراء, وتبشيرهم بأن هناك زيادة أخري!, وعليهم التضحية والصبر دون بدئهم بأنفسهم في التحمل وضغط النفقات وتقليل الإمتيازات التي يحصلون عليها, بل التراخي في مكافحة الفساد المستشري من قبل والظاهر للعيان وبالتقارير الرسمية حول مبارك ورموز نظامه, ونهبهم للأموال وتهريبها في سويسرا, التي أعلن النائب العام فيها أنه سيعيد 180 مليون فرنك لـ 8 من رموز مبارك حصلوا علي براءات في قضايا الفساد!, علاةة علي ما ذُكِر حول تهريب جمال مبارك للمليارات من خلال شركات الأوف شور! ,ومع هذا يمرح جمال ووالده وأخوه وأمه وأصهاره وتابعيه كما شاءوا بهذه الأموال, ثم نطالب الشعب أن يصّبح علي مصر بجنيه!, أو نقول لهم (كل واحد يحط حاجه لمصر!), وكأننا في مهرجان للتسول, والأدهي والأمر أن الذين يدّعون أنه لا تستر علي فساد يحاكِمون رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات الذي أقالوه, وتم الحكم عليه بالحبس لتصريحه أن الفساد بلغ600 مليار!, وقالوا إن هذا الرقم مُبالغ فيه ويثير البلبلة!, إذن ما هو الرقم الصحيح الذي لابد أن تصارحوا الشعب به!؟, ثم بلغ التنكيل بالرجل مداه بفصل ابنته من سلك القضاء بحجة سب المستشار الزند بالرغم تكرار أمر السب من غيرها لأبيها ولغيره من المستشارين, لكنه التنكيل البعيد حتى عن أخلاق الجاهلية بالانتقام من الشخص عن طريق أبنائه, لكنها رسالة موجهه ومسجله كما تقول (شركات المحمول), أنه من يتجرأ ويكشف المستور, أو يرفع الغطاء عن المخفي مهما كان, وكائناً من كان فهذا مصيره, وهي رسالة طمأنه للفاسدين المفسدين الكبار ألا تخافوا ولا تحزنوا, فقلوبنا معكم, وأجهزتُنا تحميكم, وقوانينُنا جاهزة لتغطيتكم, وأكبر دليل علي صدق هذا الكلام مهرجان المصالحة للجميع لمن نهبوا أموال الشعب وأولهم حسين سالم وبقية الأتباع الذين يتقاطرون تترا, فهاهو رشيد في الطريق بـ500 مليون بدلاً من 3 مليار, وقد يتولى الوزارة القادمة!, وغيره يجهز نفسه للعودة, لكي يضربوا الضربة القاضية والنهائية لثورة 25 يناير التي قامت ضد هؤلاء, وأكتوي الناس بانتكاستها بسبب دولة عميقة متجذرة, ومسئولون ظنوا أن هدفهم من الثورة وهو منع التوريث قد تحقق, فلا داعي لغيره, ونخبة وجماعات وأحزاب تصارعت علي كعكة لم تنضج بعد, فازدردوها نيئة فقطعت أمعاءهم!, الوضع جدُ خطير والناس تضج, الناس تئن, الناس تكاد تنفجر, ولا تنخدعوا بهدوء الأمواج فتحتها حمم من البركان المشحون به النفوس, كلمة حق وصدق نقولها لكم قبل فوات الأوان, إن لم تستدركوا ألأمر, فلن يصبر الناس, فالشر هذه المرة والضرر أصاب كل البيوت, فلم يترك وبر ولا مدر إلا دخله بعز عزيز أو ذل ذليل, فلم يعد المتدينون هم الساخطون فقط!, ولم يعد النخبة هم المتذمرون فقط!, ولم يعد المدرسون أو ألأطباء أو العمال, أو الكتبة, أو ربات البيوت هم الناقمون فقط!, الكل في مركبٍ واحد من السخط والغيظ, فأنقذوا أنفسكم قبل فوات ألأوان, وقوموا بواجبكم الحقيقي بصدق وأمانه بدلاً من البكاء أمام شاشات التلفاز!!

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف