المساء
مؤمن الهباء
انتصار تاريخي
حققت القضية الفلسطينية انتصاراً تاريخياً مشهوداً بصدور قرار مجلس الأمن بإدانة بناء إسرائيل للمستوطنات في الأراضي المحتلة عام 1967 بما فيها القدس الشرقية واعتبار هذه المستوطنات غير شرعية وغير قانونية والدعوة إلي وقف كافة الأنشطة الاستيطانية سواء تلك التي تتم بمعرفة الحكومة الإسرائيلية أو بدون معرفتها.. والنظر إليها علي أنها تمثل عقبة أساسية في طريق الحل السلمي للقضية علي أساس الدولتين.
ومن حقنا كعرب ومسلمين ومصريين أن نبتهج بهذا القرار الدولي ونتحمس له.. ونعتبره خطوة تاريخية مهمة علي طريق طويل من النضال والمقاومة لتأمين الحقوق الفلسطينية المشروعة.. فقد حصل القرار علي موافقة 14دولة في مجلس الأمن وامتناع دولة واحدة عن التصويت هي أمريكا بالطبع.. التي امتنعت أيضاً لأول مرة منذ سنوات عن اتخاذ حق النقد "الفيتو" ضد قرار يتضمن إدانة إسرائيل ويكسر غرورها.
وقد شهدت كواليس هذا القرار معارك دبلوماسية رهيبة.. وكانت هناك تكتلات ومناورات واتصالات ومؤامرات وعمليات ابتزاز بين العديد من الأطراف..لكن النهاية جاءت سعيدة.. وحملت انتصاراً كبيراً لقضية الشعب الفلسطيني المظلوم.. وجاء امتناع أمريكا عن استخدام "الفيتو" رصاصة الوداع التي وجهتها إدارة الرئيس أوباما للحليف اللدود بنيامين نتنياهو الذي طالما وجه إهانات شخصية وسياسية لهذه الإدارة.. ولأوباما شخصياً.. خاصة في خطاباته المتكررة أمام الكونجرس الذي كان يتعامل معه باعتباره بطلاً تاريخياً.
ولا يخفي أن إسرائيل بذلت جهوداً جبارة في اتجاهات عدة لعرقلة صدور هذا القرار.. لعبت علي أوتار كثيرة.. واعتبرته قضية حياة أو موت بالنسبة لها.. فهي دولة قائمة أساساً علي الاستيطان والتوسع التدريجي..وهذا القرار يعني عدم إعطاء أية مشروعية لأية أرض أو مستوطنات تضمها إليها مادامت واقعة في نطاق الأراضي المحتلة عام 1967 بما في ذلك القدس الشرقية.
وقد ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن هذا القرار خطير وسيعمل علي تقليص مساحة دولة إسرائيل.. ويمكن الفلسطينيين من تقديم المسئولين عن الأنشطة الاستيطانية إلي المحاكم الدولية باعتبارهم خارجين علي القانون.
أعرف أن نتنياهو أصيب بصدمة رهيبة من القانون واعتبره إهانة شخصية له وللرئيس الأمريكي المنتخب ترامب الذي وقف بكل قوته للحيلولة دون تقديم مشروع القرار إلي مجلس الأمن.. وتعهد نتنياهو في قمة الصدمة بأنه لن يلتزم بالقرار وسيواصل الاستيطان متهماً الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالتواطؤ مع الإرهاب في هذه الخطوة "المشينة".. وأعرف أيضاً حجم الصدمة التي أصيب بها ترامب وغضبه من القرار الذي اتخذته إدارة أوباما بعدم استخدام الفيتو..وقد تعهد بأن الأمور ستكون مختلفة بعد أن يتولي مهام منصبه في 20 يناير القادم.. ومع ذلك فإن القرار "الدولي" جاء في وقته تماماً.. لا ليوقف الاستيطان ويحجم غرور نتنياهو فقط.. وإنما ليضيق الطريق أمام إدارة ترامب القادمة.. ولا يتركها حرة الحركة في انحيازها المجنون لإسرائيل علي حساب الحق العربي.
وقد يقول قائل إن القرار سيكون مجرد حبر علي ورق.. ولن يغيِّر شيئاً علي الأرض.. وهذا حقيقي للأسف بسبب عدم توازن القوي.. وأيضاً بسبب التفكك العربي الحالي.. لكن إسرائيل أساساً لم تلتزم حتي بالقرار الشهير 242 لسنة 1967 الذي وافقت عليه.. ومع ذلك سيظل هذا القرار سيفاً دولياً علي رقبتها..ومرجعاً مهما لإثبات مشروعية الحق العربي..وكذلك الأمر بالنسبة لقرار مجلس الأمن الأخير ضد المستوطنات.
والعالم كله يقف ضد المستوطنات.. وبالذات الغرب ومؤسسات التجارة والتعليم والاستثمار تتخذ موقفاً حازماً ضد المستوطنات والمنتجات التي تخرج منها.. وسيكون قرار مجلس الأمن داعماً قوياً لهذا التوجه الدولي من أجل خنق هذه المستوطنات وعدم منحها أية مشروعية.. كما سيكون للقرار تأثير مهم في وجه ترامب عندما تقرر نقل السفارة الأمريكي من تل أبيب إلي القدس.
إن هذا الانتصار التاريخي خطوة مهمة.. وانتصار تاريخي.. لكن يجب أن تتبعه خطوات.. وما ضاع حق وراءه مطالب.








تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف