محمود سلطان
إيران وإسرائيل.. يد واحدة!
من المتواتر الآن، تراجع التصريحات الإيرانية المعادية لإسرائيل، وتنامي تهديدها الفج والصريح لدول الخليج العربي: غابت تمامًا إسرائيل عن العقيدة القتالية للجيش الإيراني، وحل مكانها الخليج العربي ومنطقة الشام. لم تستطع الديكتاتورية الدينية الطائفية الحاكمة في إيران، الصمود أمام ما تكشف من حقائق، عن أسرار "العلاقات السرية" بينها وبين الكيان الصهيوني، إلى الحد الذي حمل الكاتب الأمريكي تريتا بارسي على القول إن إيران وإسرائيل ليستا في صراع أيديولوجي كما يتخيل الكثيرون، وذلك كون المصالح الإستراتيجية بين إيران وإسرائيل تتقاطع في أكثر من مفصل وتحكمها البراغماتية لا غير، بعيدًا عن أي خطاب أيديولوجي". في تقرير نشره "ساسة بوست" بعنوان: "تاريخ العلاقات السرية بين إسرائيل وإيران" جاء فيه: إن دراسة أعدها مركز الخليج للدراسات الإستراتيجية حول تاريخ العلاقات “الإيرانية – الإسرائيلية” أكد استمرار التعاون “الإسرائيلي- الإيراني” بعد قيام الثورة الإسلامية في العديد من المجالات أهمها التسلح، حيث كانت إسرائيل المصدر الأول لسلاح إيران في الفترة من 1980 إلى 1985، وذكرت “هاآرتس” تقريرًا داخليًا لوزارة الدفاع الإسرائيلية أوضح أن إسرائيل حافظت على علاقات “صناعية - عسكرية” مع إيران تم بموجبها تزويد إيران بـ58000 قناع للغازات السامة من شركة “شانون للصناعات الكيماوية” بعد انتهاء الحرب العراقية - الإيرانية. وتشير الدراسة إلى وجود مجموعة من الروابط الاقتصادية التي لم تتوقف بين البلدين من المال إلى النفط والمواد الغذائية وغيرها من المسائل الاقتصادية، حيث تستورد إيران من إسرائيل بصورة غير مباشرة قطع غيار للمعدات الزراعية فيما تستورد إسرائيل النفط الإيراني بطريق غير مباشر من أوروبا. وذكرت الدراسة تردد الأنباء مؤخرًا عن وجود صلات تجارية سرية بين “إيران و200 شركة إسرائيلية” رغم إنكار كل من إيران ومجموعة “عوفر براذرز” الإسرائيلية وجود صفقات تجارية بينهما. وتكشف صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن الصفقات التجارية كانت تتم من خلال شركات تعمل في تركيا والأردن والخليج ومسجلة في أوروبا، كذلك لا يخفى أن علماء فيزياء من البلدين يعملون سويًا ضمن مشروع مشترك في مركز “سيسامي” الدولي للعلوم التجريبية وتطبيقاتها في الشرق الأوسط الذي انطلق قبل بضع سنوات. وتشير الدراسة في النهاية إلى أن المتأمل لكل من “علاقات إسرائيل وإيران” يجد أنها اتسمت بـ"البرجماتية"، وعداؤهما لا يتعدى ظاهرة التصريحات الإعلامية، وأن كلتيهما تلتقي في نقاط عديدة أهمها الهيمنة على المنطقة وهزيمة العرب سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا واستغلال ثرواتهم. الكثير من المجريات حدثت بين إسرائيل وإيران خلال حرب إيران مع العراق، فلم يكن أي انتصار إيراني يقلق تل أبيب، في حين أن النصر العراقي سيعني سيطرة بغداد على الخليج العربي وهذا ما لا يمكن أن تتحمله الدولة العبرية، هذا ما أكده قول وزير الخارجية الإسرائيلية الأسبق ديفيد كيمحي في تل أبيبب في 22 تشرين الأول من العام 2004 عندما ذكر أنّ “العراق دولة عربية تسعى لتحلّ مكان مصر باعتبارها رائدة التطلعات العربية، ولذا كان لدينا تخوّف هائل من العراق ومن نتيجة حربه مع إيران. أمن إسرائيل كان مهددًا وشعرنا أننا قد نفعل كل شيء لمنع العراق من الانتصار في الحرب ضد إيران، وكنا على يقين أنّ الأسلحة المقدمة من جانبنا لإيران لا يمكن أن تستخدم يومًا ضد إسرائيل”. الكاتب الأمريكي - الإيراني المولد تريتا بارسي يؤكد أنه إلى جانب تزويد إيران بالسلاح في حربها مع العراق انتقلت دولة الاحتلال بسرعة للعمل على عدة جبهات دعمًا لإيران. ففي زيوريخ، التقى المسئولون الإيرانيون بالإسرائيليين لإبرام صفقة أسلحة. بما في ذلك اتفاق سيسمح للفنيين الإسرائيليين بتدريب الجيش الإيراني في إعادة تجهيز إيران لوجستيًا، وتأمين العتاد وقطع الغيار للأسلحة الأمريكية الصنع التي لدى إيران. بل يوضح أن بعض المستشارين الإسرائيليين زاروا جبهة القتال الإيرانية ليقيموا القدرات والحاجات التي لدى الجيش الإيراني. ويؤكد الكاتب بارسي في كتابه “التحالف الغادر: التعاملات السريّة بين إسرائيل وإيران والولايات المتّحدة الأمريكية” أن الاتصالات المكثفة لإسرائيل مع الجيش الإيراني هي التي مهدت الطريق لتدخُّل إسرائيل الأكثر حسمًا خلال الحرب.فيوم 7 تموز 1981، قام سرب من ثماني طائرات إسرائيلية F- 16S وست مقاتلات من طراز F- 15S، بالاتجاه من قاعدتهم في عتصيون لتنفيذ ما عرف باسم عملية أوبرا، وكان الهدف من مهمتهم تدمير المفاعل العراقي أوزيراك الذي يعمل بالبلوتونيوم، والذي كان يشتبه في تطويره أسلحة الدمار الشامل. عادت جميع الطائرات سالمة إلى دولة الاحتلال وذلك بفضل الصور والخرائط الإيرانية التي قدمت لإسرائيل وفقًا لصحيفة صنداي تليجراف في لندن، حيث كان ذلك قد تمّ التنسيق له قبل شهر واحد في اجتماع عقد في فرنسا بين مسئول إسرائيلي كبير وبين ممثل للخميني" وللحديث بقية إن شاء الله
-