المصريون
رضا محمد طه
التفكير قبل التدبير
في مجتمعاتنا وعندما يتم عرض مشكلة ما، سواء من مسئول أمام مرؤسيه أو بين الأفراد العاديين، نجد أن الكثير وبدون تفكير أو تروي يندفعون متطوعين لحلها، أو قد يشارك آخرون محاولين التهوين بشكل مخل من شأنها، الأسوأ في هذا الأمر عندما يتعلق الأمر بمستقبل فئة أو بلد أو موقف سوف يُبني عليه قرارات مصيرية للناس، المفارقة تحدث عندما يستعرض مسئول كبير مشروع أو إنجاز ما في مؤسسة أو إدارة أو غيرها، نجد هؤلاء الذين يتعجلون بالحلول بعنتريات أوتنظيرات فقط كما لو أن علي رؤسهم الطير فلا يجرأون بالتلفظ ولو بكلمة نقد أو حتي إبداء رأي أو التطرق للعقبات المقبلة أو السلبيات أمام المسئول خوفاً-من وجهة نظره-من معاقبته أو الإطاحة بطموحه وطمعه في الوظيفة الأعلي. نتصور لو أن مسئول الخارجية المصرية في موقف سحب قرار إدانة الإستيطان الإسرائيلي قد ناقش الأمر مع رؤسائه الأكثر في الخبرة والحنكة الدبلوماسية، ما سقط في المأزق أو أوقع نفسه وبلده في موقف يشبه الكثير بالخزي والمهانة واحيانا العار، بما لا يتناسب مع حجم مصر ودورها التاريخي في الدفاع عن القضية الفلسطينية والعرب بالعموم، فكان حديثه بعد ذلك لتبرير التصرف العجيب، وإن كان حسن النية قد إعتمد علي فائض الكلام والطنطنة التي لا تنطلي حتي علي الساذجين أو البسطاء، علماً أن حسن النوايا لا يُعفي من سوء التقدير، فبدا لنا من هذا الموقف أنه في مصر ومنذ سنين عديدة سياسة ممنهجة لتفريغ وتسطيح الكفاءات، ولا يخلو الإعلام-خاصة الفضائيات-من مسئولية كبيرة عن ذلك، الدليل علي ذلك ما يثار أو تقدمه لنا برامج التوك شو يومياً من سطحية وإبتذال ونفاق رخيص وطرمخة أو تدليس مع جعجعة بلا طحين. الطامة الكبري في عدم الإعتراف بالخطأ والإستمرار فيه أو محاولة التبرير أو الإنكار، والذي يعكس العناد الطفولي وعقلية الهواة الساذجة والغبية والتي يصف "برتراند راسل" أصحابها قائلاً "مشكلة العالم: أن الأغبياء والمتشددين واثقون بأنفسهم أشد الثقة دائماً، أما الحكماء فتملأهم الشكوك".

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف