لا يمكن للدماغ التى تحكم فى قطر أن تفترض أن التعالى المصرى هو الذى يحول دون اتخاذ إجراءات ضد تطاولهم بالكذب والتزوير والتدليس والصفاقة وسوء النية، كما أن تقاعس الحكومة المصرية فى السعى للتصحيح وردّ الاعتبار لم يعد مقبولاً من الرأى العام المصرى مع تراكم العديد من الأدلة الدامغة ضد قناة الجزيرة التى من البديهيات أنها أداة فى يد حاكم قطر ليس مسموحاً لها أن تجتهد خارج المطلوب.
وقد استجد دليل إضافى فى الاعتراف المنسوب لمدير المراسلين بالقناة، خاصة فى نقطتين: الأولى، إقراره بما وصل إليه من معلومات، وهو على رأس عمله فى المقر المركزى فى الدوحة، بأن هناك فيلماً عن الجيش المصرى تنتجه القناة وأنه يتضمن مشاهد تمثيلية فى لبنان وقطر، وأن هذه المشاهد لا تمتّ للواقع بِصلَّة، وأنها تستهدف تشويه العسكرية المصرية. وأكدّ المذكور سلبية المضمون، وأنه شخصياً، ومعه زملاؤه المصريون، احتجوا على الفيلم وأبلغوا مسئولاً فى القناة بذلك وأنهم طلبوا مقابلة المدير، فى محاولة منهم لوقف عرض الفيلم، وهو ما لم يلق استجابة، بل وأصرَّت الإدارة على العرض.
وأمّا النقطة الثانية، فهى أن المذكور، عندما كان يعمل فى مكتب القاهرة، وبناء على تعليمات من رئيسه، أخفى 5500 شريط فيديو خاص بالقناة فى منزل شقيقته فى إحدى القرى بالجيزة، فى حين أن القناة حرَّكت ضد مصر بالخارج دعوى قضائية كذبت فيها بأنها فقدت هذه المواد الإعلامية، وطالبت بتعويض 150 مليون جنيه، بزعم أن الأجهزة المصرية انتهكت اتفاقيات الاستثمار المشتركة بين القاهرة والدوحة التى عُقِدت فى 1999.
هذا قليل من تفاصيل كثيرة لا تقف عند حد اتهام موظف صغير بل تصل، أيضاً، إلى كبار المسئولين واضعى الخطط التى تستهدف الإساءة العمدية القائمة على انتهاك أهم القواعد الإعلامية القانونية والأخلاقية، وهو ما يجب أن يُحفِّز الحكومة على إصلاح خطأ التهاون فى الحقوق المصرية، باتخاذ كل السبل القانونية والسياسية لإدانة هذا التطاول والمسئولين عنه.