الجمهورية
مرعي يونس
ماذا لو عاد المسيح؟
حينما ولد السيد المسيح عليه السلام. كان أغسطس قيصر حاكم الامبراطورية الرومانية إلهاً يُعبد. كان الناس يسجدون ويركعون لتماثيله وكان المجون والفسق قد تفشي في هذه الامبراطورية مترامية الأطراف. والتي كانت فلسطين وبلاد الشام ومصر ضمن ولاياتها. تزايد الفساد واشتد الانحطاط الأخلاقي حتي زهد أغلب الرجال والنساء في رباط الزوجية وكان أغسطس أول الماجنين وأغني الأغنياء يليه أقاربه وعبيده والمعاونون له في تصريف شئون الامبراطورية.
وكان اليهود في فلسطين منقسمين إلي فرق وجماعات وأحزاب كل فرقة تتمحور حول نفسها وتتمسك بأفكارها وآرائها.. كل حزب بما لديه فرحون بعضهم حرف الشريعة. وبعضهم كان همه جمع المال. وبعضهم أنكر القيامة واستبعد الحشر وكذب بالحساب.
عندما بزغ نجم عيسي المسيح وأشرقت شمسه وبعثه الله ليخرج قومه من الظلمات إلي النور. كان الناس منغمسين في ملذاتهم وشهواتهم كانوا يراءون بعضهم ويتسابقون في جمع المال. ربما كان الحال أقرب إلي حال العالم اليوم فنحن أمام عالم يتسابق في صنع الأسلحة الفتاكة ويقتل بعضه بعضاً ويتآمر علي بعضه البعض.. فماذا لو عاد المسيح إلي عالمنا اليوم. ماذا عساه أن يقول للسوريين والمصريين والغربيين والأمريكيين والفلسطينيين؟.
من المؤكد ان المسيح سيكفكف دموع السوريين والفلسطينيين والعراقيين وسيدين الظالمين وسيقول للمصريين "اصبروا وصابروا ورابطوا إن مع العسر يسرا وسيقول لقومه الذين طاردوه ولاحقوه وحاولوا إيذاءه من قبل: "كفوا عن مؤامراتكم كفي ظلماً عيشوا في معية الله وأحسنوا".
يقول الكاتب الكبير عباس محمود العقاد في كتابه "حياة المسيح": "لو عاد السيد المسيح اليوم لوجد كثيراً يصنعه ويعيد صنعه وليصنع كثيراً بين أتباعه ومن يعملون باسمه ويتواصون بوصاياه".
أفرد العقاد الفصل الأخير من كتابه بعنوان "ماذا لو عاد المسيح" بدأه باستلهام رواية الكاتب الروسي ديستكوفسكي والتي تخيل فيها بطل الرواية ان السيد المسيح عاد إلي الأرض ونزل في اشبيلية وقت سطوة محاكم التفتيش فوعظ المسيح الناس وصنع المعجزات وأقبل عليه الضعفاء والمرضي والحزاني فما كان من المفتش الأعظم إلا القبض عليه وإيداعه السجن ودار حديث بين السيد المسيح والمفتش العام انتهي بخروج المسيح وغيابه عن الأنظار.
من عرضه لهذا المشهد يخلص العقاد إلي حقيقة يقول فيها: "أقرب شيء انه لو عاد المسيح إلي الأرض أن ينكر الكثير مما يُعمل اليوم باسمه" ويستكمل العقاد حديثه وكأنه كان يستشرف المستقبل ليصور واقعنا نحن لا واقع أيامه يقول: "إن المسيح لو عاد إلي الأرض لوجد إنسان اليوم كإنسان الأمس في شروره وعداوته وفي نفاقه وشقائه وشروره وفي إعراضه عن الجوهر واقباله علي القشور". لم نشتاق إلي عودتك يا سيدي المسيح!.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف