المساء
محمد جبريل
ع البحري .. المستشفيات شركات استثمارية!
بدأ مجلس النواب في مناقشة أحدث الاقتراحات التي تطرح أزمة المستشفيات العامة في بلادنا. الاقتراح ينصح بتحويل المستشفيات الي شركات استثمارية.
لعل هذا الاقتراح يدفعنا الي استعادة وسائل الدولة لحل أزمات المستشفيات العامة. ومشكلات العلاج عموما.
أول التحقيقات التي كتبتها في "المساء" "1960" عن تنظيم الطب في بريطانيا. لا عيادات خاصة. وانما مراكز طبية ومستشفيات. والتأمين الصحي يشمل ـ بلا تفرقة ـ كل المواطنين.
للروائي التونسي كمال العيادي رواية جميلة هي "نادي العباقرة الأخيار" يشير فيها الي العلاج في ألمانيا. لا أحد ـ في كل الأعمار ـ يدفع قيمة العلاج. بطاقة التأمين الصحي تغنيه عن الانفاق. بصرف النظر عن السن. الكل مواطنون. لا فوارق بين الصبي والشيخ. العامل والمتعطل عن العمل. أثناء سني الوظيفة وبعدها.
أوافق علي دور القطاع الخاص في حياتنا الاقتصادية. لكنني أتحفظ علي دوره في الكثير من المجالات الأخري. وأرفضه. في مجالات الصحة.
حاول جمال عبدالناصر ان يعالج الظاهرة بوسائل غير مباشرة. وكانت الوحدات المجمعة في القري ـ كتبت عنها تحقيقا مطولا كذلك ـ مثلا للعلاج الطبيعي المتاح للفقراء. مشروع الوحدات المجمعة ـ كما شاهدته علي الطبيعة. وأذكره ـ يتحدد في بناية بقرية. أو مجموعة قري. تضم عيادة للطب البشري. وأخري للطب البيطري. وفصولا للدراسة الالزامية. ومخازن للتقاوي والسماد. كانت الوحدات المجمعة ضمن مشروع "التعاون" الذي دعا اليه عبدالناصر. وبدأ في تنفيذه. وحين وفد ممثلو الأحزاب وقيادات الجيش من سوريا. وعرضوا الوحدة الاندماجية. حدثهم عبدالناصر عن الخطوات التي تتخذها مصر. تحت شعار التعاون. لمجاوزة التخلف الذي تعانيه. ومحاولة اللحاق بالعالم المتقدم.
ألح الساسة والقادة في عرضهم. وألح عبدالناصر في الرفض. ثم نشأت تطورات ـ أرجو أن تستعيدها في وسائل الاعلام وكتابات المؤرخين ـ علي الحدود مع تركيا. ومع فلسطين المحتلة. وعلا ايقاع التآمر في دول الغرب. وفرضت المسئولية القومية علي القيادة المصرية. أن توافق علي الوحدة بين مصر وسوريا. وهو ما بدل الصورة تماما.
العيادة مفسدة للطبيب
هذا ما يؤكده صديقي الطبيب الأديب رضا صالح في سيرته الذاتية الممتعة "يا من كنت طبيبي". يردف قوله المعني انها قد تعلمه التجارة. وتنسيه الطب. لذلك فان الأصوب أن يمارس الطبيب عمله من خلال المستشفيات التي تشرف عليها ادارة "حكومية".. شفافة وقوية. ولتكن البداية دعم امكانات التأمين الصحي.
هذا تصور ـ تزكيه التجربة المباشرة ـ لحل أزمة العلاج والمستشفيات.. رحمة بذوي الدخول المحدودة!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف