صلاح الحفناوى
لعبة التسمم.. من الأزهر إلي الشرقية
اخطر ما نواجهه الآن هو حالة اللامبالاة التي نتعامل بها مع الارهاب الاليكتروني.. فاختصار مفهوم الارهاب في تفجير ابراج الكهرباء ووضع المتفجرات امام اقسام الشرطة والمدارس.. يعني ترك قطاع كبير من شعب مصر.. قطاع لا يستهان به.. قطاع مؤثر بحكم تركيبته الشابة ومستواه التعليمي وقدرته علي ترويض ادوات العصر.. فريسة لمليشيات الجماعات الارهابية الاليكترونية.
لا استطيع ان اصدق ان مصر الحضارة والتاريخ والمكانة عاجزة عن التصدي للمليشيات الاليكترونية التي شكلها خيرت الشاطر والصفحات التي يديرها عملاء الخارج وتجار النضال السياسي.. لا أصدق أن هؤلاء الكارهين للوطن الناقمين عليه يتحكمون في اقدارنا ويعبثون في عقول ابنائنا.. بل ويصنعون رأيا عاما يؤثر في كثير من الحالات علي صانعي القرار.
الارهاب الالكتروني عاش ازهي عصوره خلال الايام القليلة الماضية.. وقدم عرضا اظهر فيه كل مهاراته في اعقاب حادث سفينة الفوسفات.. قالوا ان السفينة كانت تحمل يورانيوم مشع وايد هذا الكلام مهندس محسوب علي رياح الثورة التي تهب علينا من الخارج.. قالوا ان الفوسفات يسبب الشيخوخة المبكرة والعقم والضعف الجنسي والتخلف العقلي واننا نحتاج الي عشرات السنين حتي نتخلص من اثار الكارثة.
وصلت الملهاة الي ذروتها عندما اشاعوا ان حالات التسمم الجماعي المثيرة للجدل والشبهات في الابراهمية بالشرقية ناتج عن التلوث بالفوسفات.. واخطر ما في الامر ان هناك من صدقهم وردد اكاذيبهم دون ان يسأل نفسه لماذا وصل التسمم الفوسفاتي المزعوم الي الشرقية وبالتحديد الابراهمية دون ان يمر علي بني سويف واسيوط والفيوم وسوهاج والقاهرة والجيزة وكل المحافظات التي يمر فيها النيل الملوث والتي يشرب سكانها من مياهه.
الاسكندرية ضربها التسمم.. مصر تغرق في طوفان سموم.. البلد تنهار.. والنظام متواطئ.. صحيفة يومية من صحف رجال الاعمال زينت صدر صفحتها الأولي بعنوان يجزم بتسمم المياه في الشرقية.. مانشيت يوحي بأن الفوسفات هو السبب وان الحكومة اهملت وان الشعب حياته رخيصة .. وفي وقت متزامن تقوم المليشيات المشبوهة ببث مشهد فيديو لمخرج سينمائي يعلن ان الشعب يريد اسقاط النظام كما فعل مع جماعة الارهاب لكنه فقط خائف من الجيش.
شعب مصر لا يخاف.. لم يخش نظام مبارك وهو في قمة عنفوانه.. لم ترهبه امبراطورية رجال الاعمال الفاسدين التي حاول النظام الاسبق استخدامها في تحييد الجيش الرافض لفكرة التوريث فيما عرف بلعبة التوازن "الاقتصاد وثروات البلاد في مواجهة القوة".. الفوسفات بشهادة العلماء لا يذوب بسهولة في الماء.. كل العينات التي تم سحبها من النيل سليمة.. لا يوجد تسمم.. ولكن.. المليشيات الارهابية الاليكترونية والاعلام المأجور والطوابير الخامس والسادس حتي المليون لهم رأي اخر: مصر ترجع الي الخلف.
هل نترك عقول شبابنا لهؤلاء.. هل حقا لا نملك القدرة علي مواجهتهم.. هل ستنهار مصر لان جزءا من كوبري سقط بسبب قيام الاهالي باشعال النار اسفله لفترات طويلة.. هل مصر ترجع الي الخلف لان قطار مترو انفاق اصطدم بحاجز الصد علي الرصيف.. هل اصبحنا لا نتعلم من اخطائنا ولا من المؤمرات والخطط الشيطانية التي تنفذها جماعات الارهاب وعملاء الخارج في مصر؟.. يبدوا للاسف ان هذا ما يحدث.. نحن لا نتعلم.
هل نسينا حادث التسمم الجماعي في المدينة الجامعية للازهر.. هل نسينا ان التحقيقات اثبتت ان الحادث مدبر وان التسمم الجماعي كان لعبة اخوانية قذرة الهدف منها اسقاط شيخ الازهر لتعيين مفتي الارهاب مكانه.. هل نسينا انه بعد حادث التسمم بدقائق كانت اللافتات العملاقة التي تطالب باستقالة شيخ الازهر تملأ ساحات المدينة الجامعية.. دون ان يسأل احد نفسه متي واين تمت طباعتها وعلي نفقة من.
نفس المشهد يتكرر في الابراهمية بالشرقية.. هناك حادث غرق سفينة محملة بكميات هائلة من الفوسفات.. اعقبها بث مقاطع الفيديو لعملاء تحذر من يورانيوم ونفايات ذرية سامة.. ثم تسمم جماعي.. تعقبه دعوة لاسقاط النظام؟
اليست هذه جرائم ارهاب؟.. اليس هذا التحريض والتشكيك الذي حول حياة الملايين الي جحيم من اخطر اشكال الارهاب؟.. فماذا ننتظر؟.