الجمهورية
بسيونى الحلوانى
حماقات.. ضد الشرطة
يعتقد بعض الزملاء الصحفيين والإعلاميين أن التطاول علي الشرطة الآن شجاعة. وأن البحث في ملفات رجال الشرطة هذه الأيام لإبراز التجاوزات وتعميمها أو للكشف عن الثقوب في البدلة الميري من علامات القوة خاصة أن هذا الجهاز الخطير والحساس كان حتي عهد قريب من المحرمات في التناول الإعلامي وكان هؤلاء الإعلاميون الأبطال والشجعان الآن في عهد حبيب العادلي كالفئران تختفي في الجحور مع أولي علامات الغضب من تناول الشرطة بالنقد والتجريح حتي لو كان الأمر يتعلق بمجند بسيط يقف في إشارة مرور.
لا أقر ولا أعترف بأن ثياب كل رجال الشرطة طاهرة ونظيفة وخالية من السلوكيات الخاطئة والتجاوزات المتوارثة من عهود سابقة. ولا أقبل أن يهان مواطن بسيط علي يد ضابط شرطة أيا كانت رتبته أو موقعه. وأطالب بمعاقبة كل من يتجاوز ويهدر حقا من حقوق المواطنين داخل أقسام ومراكز الشرطة أو علي يد رجل شرطة في الشارع.
لكن هل أصبحت الشرطة المصرية بالسوء الذي يصورها به بعض الإعلاميين في الفضائيات؟ وهل أصبحت تجاوزات بعض رجال الشرطة مادة صحفية جذابة لزيادة توزيع مطبوعات تعاني الركود في السوق وتبحث لنفسها عن مكان بعد أن أصبحت "مرطرطة" علي الأرصفة عند باعة الصحف؟
***
أشعر باستياء وحزن وقرف من التناول الإعلامي غير المسئول لجهاز الشرطة في مصر في الوقت الذي يتساقط عناصره يوميا علي يد الإرهابيين والمجرمين في مصر.. وأتساءل: لمصلحة من التركيز علي تجاوزات الشرطة وهي تواجه حربا ضروساً مع العناصر الإرهابية والإجرامية في مواقع كثيرة؟ ومن هي الفئة الطاهرة البريئة النظيفة في مصر والتي لا ترتكب تجاوزات أو أخطاء؟
يجب أن نتعامل نحن الإعلاميين مع رجال الشرطة بأمانة وموضوعية. وأن يتوقف البعض عن تقمص بطولات وهمية عن طريق تطاول أحمق وغير مسئول علي رجال الشرطة.
يجب علي الزملاء الصحفيين والإعلاميين في الفضائيات ألا ينزلقوا في التطاول علي الشرطة من خلال تضخيم تجاوزات فردية. وأن يدركوا قيمة ومعني مساعدة الشرطة في ضبط الشارع في ظل حالة الفوضي السلوكية وإدمان مخالفة القانون والنظام الذي تربينا عليه في مصر.
علي رجال الإعلام أن يدركوا أنه لن تقوم لمصر قائمة ولن يتحقق لشعبها استقرار ولن يشعر المصريون بالأمان ويجنوا ثمرة ثورتهم إلا إذا عادت الشرطة لتقوم بواجبها الوطني وتلاحق المجرمين وتحاصر المخربين وتردع محترفي البلطجة ومدمني الإجرام الذين أشاعوا الخوف والرعب في ربوع البلاد من أقصاها إلي أقصاها.
لن تعود السياحة إلي مصر ولن تأتي الاستثمارات الأجنبية ولن تتحسن حالة الاقتصاد المصري وتعود عجلة الإنتاج إلي أفضل ما كانت عليه قبل الثورة إلا إذا شعرنا بوجود الشرطة في كل مكان وعادت لها شوكتها وقوتها لتقف في طريق الفوضويين الذين زينت لهم عقولهم المريضة أن التطاول علي رجال الشرطة بطولة والثورة عليهم حق مشروع لكل المجرمين والبلطجية والخارجين علي القانون.
لن يعود رجال الشرطة للعمل بكل قوتهم ويقدموا المزيد من التضحيات إلا إذا شعروا بالتقدير الأدبي قبل المادي وتوقف السفهاء عن ملاحقتهم بالاتهامات الكاذبة وتحميلهم مسئولية كل ما يحدث في المجتمع من فوضي وعنف وانفلات أمني.
تذكروا أيها الإعلاميون الشجعان أنه لا يمر أسبوع دون أن يستشهد ويصاب العشرات من ضباط وأفراد الشرطة في مواجهات دامية مع المجرمين والبلطجية وتجار المخدرات والسلاح الذين أصبحت الأراضي المصرية مسرحا مفتوحا لهم بعد الانهيار الأمني الذي تعيشه الدول المحيطة بنا وبعد أن ابتلانا الله بجماعة إرهابية تجند كل عناصرها الإجرامية وتستأجر المجرمين لقتل المصريين وترويعهم كل يوم وتدمير مقومات حياتهم من كهرباء وماء ومواصلات وغير ذلك.
تذكروا أن الأسر التي يعمل أبناؤها في الشرطة لا تنام الليل وتتبادل النوبات والورديات للاطمئنان ليلا ونهارا علي أبنائها بعد أن فقدت الشرطة خيرة شبابها خلال العامين الماضيين علي أيدي الإرهابيين في كل محافظات مصر.
يجب أن تتوقف هذه الحماقات ضد الشرطة. ويجب أن تكف وسائل الإعلام عن توجيه الاتهامات العشوائية لرجالها.
***
وداعاً عبدالله نصار
لا أجد ما أودع به زميلاً عزيزاً وصحفياً نزيهاً مثل الراحل عبدالله نصار سوي ترديد قول الحق سبحانه: "يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلي ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي".. صدق الله العظيم.
قبل دخوله المستشفي بأيام اتصلت به أنقل له رغبة زميل في لقاء مشترك مع وزير التموين ليشرح لنا فلسفته وسياساته بعيدا عن وسطاء السوء لكي نكتب وننتقد عن بينة.
قال لي حرفيا: يسعدني أن أصاحبك إلي أي مكان. ولكن تقبل اعتذاري عن تلبية هذه الدعوة الآن لأنني كتبت أنتقد سياسة الوزير في بعض الأمور والجلوس معه الآن يعني أنه نجح في استقطابي وإسكاتي.. ما كتبته محل تحقيق ويتحري عنه رئيس الوزراء.. ويجب ألا نضع أنفسنا موضع شبهات.
رحم الله عبدالله نصار.. كان صحفيا جريئا ونزيها مؤمنا بأن واجب الصحفي ورسالته الأولي كشف الفساد خاصة أن بلادنا لاتزال تعاني من حيل وأساليب الفاسدين الذين ينتشرون في كل مكان.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف