الجمهورية
منى نشأت
حبيبي.. الأخضر
كل هذا العشق أسكبه علي ذلك اللون. انه يذكرني بأغان دافئة المشاعر.. يجري فيها الحبيب خلف حبيبته وهي لا تبتعد وإنما تلف وتدور حول الشجر لتمنح البطل الفرصة للاقتراب. الأخضر حبيبي دائما.. منذ كنت صغيرة بضفيرة.. ومدرس التربية الزراعية يعلمني كيف اسقي الزرع ويمنح كل تلميذة في الفصل أصيصا به نبتة صغيرة.. تضعه بجانبها وترعاها.
وتمر السنوات.. نعم كان عندنا مادة زراعة. أثرت علي اخلاقياتنا ووجداننا.. وكانت حصة التدبير المنزلي من أحلي ما نحب.. تقف المدرسة ونحن خلفها بالبالطو الأبيض.. نضبط مقادير ونتعلم فن المزج والخلط وكيف يذوب الكل في واحد.. قطعة عجين اتسعت للجميع.. دقيق عديم طعم.. وسكر حلو وسمن غليظ الطلة.. ولبن أبيض صافي ومادة من شأنها انها.. "تنفشهم".. ونار تسويهم علي الجانبين وكيك بنار الفرن.. لا يحترق وإنما يزداد نضجا.. هل لأولادنا الآن في مدارسهم مثل هذه الحصة في فن الحياة.. بالطبع لأ.
كبرنا
ونعود للون الأخضر.. وبعد أن صرت أما.. اقف بسيارتي أمام مساحة خضراء لأصف لأولادي.. روعة خلق الله وكيف جعل لهذا اللون ألف لون.. أن تعلم صغارك فن التذوق.. قدرة الخالق.. حب الجمال.. غاية وسيلة أيضا.
لم اتصور ما حدث هذه السيدة تنقض علي.. تخلع عن صدري وشاحا والسبب انه أخضر. حدث ذلك أثناء استضافتي علي قناة أرضية في التليفزيون المصري.. أمسكت بيدي الاثنتين بالشال ورفضت خلعه.. وقالت المذيعة حوائط الاستديو مطلية بالأخضر.. وهذا معاناه ان كل الصدر سيظهر كالفراغ.. رأيت نفسي علي الشاشة كأفلام الرعب رأسا بلا جسد.. ومن يتذكر فيلم طاقية الاخفاء.. حقق التليفزيون المصري انجازا في الخيال العلمي.. وخلعت لوني مرغمة.
الحقيقة انني لم أعد علي نفسي حالي مع الشاشة.. معظم المذيعين أقر واعترف اني لا استطيع احتمالهم أكثر من الثواني التي تتعب عيني عند التغيير بين قناة وأخري.. فيباغتني أفاق أومنافق His Master Voice صوت سيدة لذلك يصعب علي الحوار علي أغلب الفضائيات فلا أدري كيف أوجه نظرتي لمذيع وفي يدي له طلقة أظنها رصاصة رحمة.. لكل مشاهد وكانت غلطتي الذهاب للمصري.. فالمعدة نست أن تخبر ضيوفها بعدم ارتداء الأخضر.. فماذا لو كان فستانا وليس الشال وخلال التسجيل نام أحد الحضور وسمعت صوت الشخير.. يبدو ان المذيعة اعتادت علي نومه وان وقته للقيلولة مع اذان الظهر.. فلم تعبأ ولا حتي أيقظوه في الفاصل.
فقدنا
خرجت من الاستديو وبجانبي الضيفة الثانية اسأل نفسي ما الحكمة من نزولي من بيتي اليوم.... لكن عرفت الضيفة هي عضوة برلمان.. وقبل أن أودعها سألتها لماذا لا تعاقبون نوابا يستفزون الشعب.. وآخرهم تلك التي طالبت باسقاط الحضانة عن الأم وطرحت لفظا جديدا علي الشرع واسمه استضافة.. وكيف نعطي زوجة الأب أو حتي الأب طفلا يبلل فراشه في الليل.. ثم هل الأبوة رؤية الابن أو انها أولا اطعامه وتعليمه.. وكيف لأب لا يدفع النفقة لأولاده ان يستضيفهم وما هو شعور أم تقف أمام الأب في الصباح في المحكمة تطالب بنفقة صغارها أو نفقتها أو تمكينها من شقة الحاضنة وغيرها كثير يدفعها الأب إليه بحثا عن حقها الضائع.. ثم عليها أن تطرق باب في المساء لتسلمه أولادها مع التحية.
قالت النائبة لا يمكن معاقبة سهير الحاوي صاحبة مشروع القانون لأن للنائب حصانة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف