المصريون
محمود سلطان
شايف العصفورة؟!
كنت مستغربًا من هذا التسخين الإعلامي، لمباراة الأهلي والزمالك مساء يوم 30/12/2016! من صباح هذا اليوم، والإذاعات والفضائيات المحلية، مشغولة كامل العدد وشغلت الرأي العام كله، بتحليلات وتقارير عن مباراة "القمة"! التسخين هذه المرة، كان "أُوفر" بشكل ملحوظ، وبطريقة تشير إلى أن المباراة ربما ستوظف لمشاغلة الرأي العام، بعيدًا عن قرار خطير وشيك على أن يُتخذ! وببساطة.. كان من المتوقع، أن السلطة، تعمدت "النفخ" الإعلامي، على طريقة "النشل" المعروفة: شايف العصفورة؟! ثم يستغل انشغالك بالنظر للعصفورة، لنشل محفظتك المكتظة والمغرية للعيون! ويبدو أن ذلك ما حدث فعلاً: فبالتزامن مع تفرغ الناس لمشاهدة المباراة، مررت الحكومة تنازلها عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية!! المفارقة هنا، أنه رغم الهزيمة الثقيلة للزمالك أمام الأهلي، بهدفين بلا رد، فإن قسوتها على جماهير الزمالك، وكذلك سعادة جماهير الأهلي بالنتيجة، واهتمام جمهور الكرة المصرية على تعدده وتنوعه واتساعه بها.. فإن تداعيات المباراة اختفت تقريبًا، من صفحات التواصل الاجتماعي، إلا ما ندر.. وحل محلها حالة سخط وغضب وهياج عام، على صنيع السلطة، وتعديها على السيادة الوطنية، واعتمادها على التنازل عنها. هذه ملاحظة أولوية، على أن ألاعيب السلطة، المستدعاة من أرشيف النظم التي تعاقبت على الحكم، في القرن الماضي إلى ما قبل ثورة يناير.. باتت من مخلفات وكراكيب، الفاشية القديمة، ولم تعد تصلح للضحك على الجيل الجديد، والذي لم يعد بوسعه أن يصدق السلطة أو يثق فيها، بل ويمتلك عقلاً وموهبة وذكاء وثقافة وتعليمًا واطلاعًا على العالم.. أكثر بمراحل كبيرة من النخبة السياسية والأمنية التي تحكمه حاليًا. وفي التفاصيل.. فإن تصديق الحكومة على الاتفاقية، يعطيك ملخصًا على مستوى الحرفية السياسية لصناع القرار الحاليين. فالاتفاقية أبطلها القضاء الإداري، وما زالت منظورة أمام الإدارية العليا، وبالتالي فإن إقرارها وإحالتها إلى البرلمان، يعني بالتبعية: عدم احترام القضاء المصري، وتجاهله وكأنه ليس موجودًا، وأن الدولة لا تعترف إلا بمؤسسة الرئاسة وحدها، وما دونها "مالوش لازمة" ومجرد ديكور لاستكمال الشكل.. ويعني أيضًا "تعمد" إثارة الفتن والصدامات بين السلطات الثلاث التنفيذية "الحكومة ـ الرئيس"، والتشريعية "البرلمان" والقضائية "المحاكم". هذا القرار، لو سلمنا بحسن النوايا فيه، فإنه يقول صراحة، إنه لا يوجد رجال دولة، وإنما نظام سياسي ارتجالي، وعيه بمفهوم الدولة، يقف عند حدود الهواة والمبتدئين، وهذه وحدها تكفي لإثارة الفزع في قلوب محبي هذا الوطن، والحريصين على وجوده ووحدته ومستقبله.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف