الوفد
عباس الطرابيلى
الفساد.. لماذا نتأخر فى محاربته؟
يكاد الرئيس السيسى يصرخ وهو يطالب الحكومة بالتحرك لمقاومة الفساد الذى استشرى.. حتى وإن كان الفساد دائمًا ما يزيد فى أعقاب الثورات.. والرئيس السيسى يعلن صراحة أنه لا أحد فوق القانون من رئيس الجمهورية إلى أصغر مسئول.. بل وإعلانه أنه مستعد للمحاسبة.. ولكن هل الرئيس يعيش فى جانب، والحكومة بكل أجهزتها تعيش فى جانب آخر.
والسؤال بصيغة أخرى: هل سرعة تحرك الحكومة أقل كثيراً من سرعة تحرك رئيس الجمهورية؟ فالأولى تسير بسرعة سلحفاة عجوز.. هذا إن تحركت أصلاً.. ورئيس الجمهورية ينطلق ربما ليسابق أى سرعة عرفناها حتى الآن.. واختلاف السرعات هنا شديد الخطورة.. بل يؤدى أحيانًا إلى انقلاب المركبة نفسها، تمامًا مثل سيارة تسير عجلتان منها على الأسفلت.. والعجلتان الباقيتان تسيران على الرمال!!
<< ونريد حملات مستمرة على الفساد.. وليس مجرد نشاط مؤقت ينتج عنه ضبط هذا الفاسد أو ذاك.. كما حدث فى قضية جمال اللبان الذى حول بيته إلى بنك فيه 150 مليون جنيه غير باقى المضبوطات.. وليس أيضاً مثل ضبط هذا المسئول البنكى أو فى قطاع الإسكان.. بالمحليات.. ولكننا نريد قوانين رادعة لمواجهة هذا الوباء.. بل أرى ـ ومعى كثيرون ـ أن إعفاء الراشى من العقوبة يجب أن يستمر، إذ لولا أن يبلغ أحدهم من ضغوط عليه لدفع رشوة.. ما كشفنا هذه الحالات شديدة القسوة.. وإذا كان عمر أحدهم الوظيفى لا يتعدى 15 عامًا وأصبح يمتلك هذه الملايين.. فماذا يحصل لو وصل عمره الوظيفى إلى 30 أو 40 عامًا؟ ولابد أيضاً من معاقبة الراشى وتغليظ عقوبة المرتشى.
<< ومن نفس منطق اكتشاف تهريب مخدرات بعشرة ملايين يعنى أننا نحارب هذه الجريمة.. لأن ما يفلت دون اكتشافه يحسب بمئات الملايين وبنفس المنطق فإن اكتشاف جريمة رشوة يعنى «إفلات» مئات العمليات وهذا يقتضى قوانين جديدة تكون أكثر ردعًا.. وليس فقط المصادرة والسجن أحد مظاهر هذه العقوبات.. بل يجب توافر أجهزة أكثر كفاءة لمواجهة هذا الوباء.. وربما يكون إعطاء الأولوية لرئيس جهاز الرقابة الإدارية لتقديم تقريره فى الاحتفال الذى جرى بمنطقة الإسماعيلية مؤشرًا طيبًا لإظهار أن الدولة أكثر جدية الآن فى محاربة هذه الجرائم..
<< ولكن يجب أن نركز جهودنا على الأجهزة الأكثر اتصالاً بالخدمات.. مثل الإدارة المحلية فى مجالس القرى والمدن والمحافظات لأنها أكثر ارتباطًا بمصالح الناس وبسبب التعقيدات الروتينية ورغبة الناس فى إنهاء تعاملاتهم مع هذه الأجهزة ظهر الفساد واستشرى فى هذه المحليات. وليس سرًا أن هناك من كان يدفع «خلو رجل» لكى يحظى بشرف العمل فى هذه المحليات ليفوز بنصيبه من خيرات هذه المواقع.. لأن كل عملية فيها فوائد جمة للعاملين فيها.. بل إن هناك مواقع أخرى غير منظورة ما زال الفساد كامنًا فيها.. وربما يتعجب بعضنا من تأخر إعداد أو إعادة إعداد قانون المحليات.. فهل يا ترى من يقف أمام إصدار هذه القوانين هم من لهم مصالح مالية فى هذه الأحوال؟
<< إن أولى عمليات الإصلاح الذى نحلم به تنبع من مقاومة هذا الفساد.. فهل نحلم بحكومة تقاوم الفساد.. حتى ولو وصل الأمر إلى الحكم بالإعدام؟ أنا نفسى لا أجد غضاضة فى تغليظ العقوبات.. حتى نبدأ عمليات الإصلاح على «مياه بيضاء» أقصد على تربة صالحة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف