الجمهورية
احمد المنزلاوى
بعد التحية.. علاوات المعاشات
بدأ نفر من أصحاب المعاشات. جمع الأوراق والمستندات وعمل التوكيلات والاستعداد لرفع القضايا وحضور الجلسات للحصول علي حقهم في العلاوات وجلس كثير منهم ينتظر حكم المحكمة قبل الممات وتعجبوا من الجدل في البديهيات والمسلمات بعد أن ظهرت قوانين وقرارات وصدرت أحكام من مجلس الدولة في المحافظات.
ملايين من المطحونين والمهمشين والمعذبين يعيشون علي الكفاف ضاقت بهم السبل وأعيتهم الحيل وانسحب من قلوبهم الأمل بعد أن ضاع الجمل وما حمل.
يعاني معظمهم من ضيق ذات اليد "وذات الرجل والظهر والبطن وسائر أعضاء البدن" تجلدهم سياط الأسعار وتنهشهم مخالب المرض والفواتير وتمزقهم أنياب الحاجة والعجز والشيخوخة.
حياتهم قلق وأرق وتوتر وضنك وعذاب من الصباح حتي الصباح. إذا طلع عليهم الفجر أو لاح.
لا أحد يشعر بهم أو يعرف معاناتهم وقسوة الظروف من حولهم يترددون كل شهر علي مكاتب البريد لصرف معاشاتهم في مشاهد بائسة حزينة تحرق القلوب وتمزق الأكباد. ينطق لسان حالهم "مع الفارق" يقول الشاعر:
لا يعــــــــــرف الشـــــوق إلا من يكـــــابده
ولا الصــــــــــــبابة إلا مـــــــن يعانيهــــــــا
لا يســــــهر الليـــــــل إلا من بـــــه ألــــــــم
ولا تحـــــرق النـــــار إلا رجـــــل واطيـــها
أي من يمشـــــــــي بقـــــــــــدمه عليهـــــــا
والصبابة: شدة الشوق وأيضاً القلة القليلة الباقية في الإناء أو "الجيب".
ويقــــــولون ليت الشاعر قال:
لا يعــــــرف الفقـــــر إلا من يكــــــابده
ولا المــــــــــــــــذلة إلا من يعانيــــــــــها
والأمثلة علي أحوال أصحاب المعاشات كثيرة لا يتسع المجال لذكر بعض منها حتي علي سبيل المثال.
بات حق أصحاب المعاشات في ضم نسبة 80% من آخر خمس علاوات اجتماعية من مدة خدمتهم إلي معاشاتهم من الحقائق العامة المعلومة للكافة. نشرت بشأنها قوانين وقرارات من المسئولين وصدرت أحكام القضاء.
قضت المحكمة الدستورية العليا في 12/6/2005 في القضية رقم 33 لسنة 25 "ق. دستورية" بحق من يحال إلي المعاش في صرف حقه في تلك العلاوات.
كما صدرت أحكام من محاكم القضاء الإداري بالمحافظات بهذا الحق لمن أقام الدعوي يطالب بها. كما صدرت بها قرارات وقوانين من كبار المسئولين بالدولة لا تزال سارية ولم تصدر قرارات أخري بإلغائها أو تعديلها. وهناك قضية مرفوعة من اتحادات أصحاب المعاشات برقم 16384 لسنة 70 ق أمام المحكمة الإدارية العليا رفعها بالنيابة عنهم البدري فرغلي رئيس الاتحاد في يناير 2016 تطلب الموافقة علي صرف هذه العلاوات لأصحاب المعاشات دون رفع قضايا فردية أو شخصية مراعاة لظروفهم القاسية. ولا يستطيع صاحب المعاش حالياً الحصول علي هذه العلاوات إلا برفع قضية أمام المحكمة يقدم المستندات الدالة علي انه من أصحاب المعاشات شهادة من الهيئة التي كان يعمل بها ومدة الخدمة والمرتب وتواريخ العلاوات وقيمتها والنسبة التي يستحقها مع توكيل من الشهر العقاري لأحد المحامين ومقدم الأتعاب مع نسبة من المستحقات بعد صدور الحكم وصرفها. المشكلة ان معظم أصحاب المعاشات لا تسمح أحوالهم الاقتصادية أو الصحية بخوض هذه التجربة الصعبة لأنهم في حاجة ماسة إلي كل قرش في جيوبهم "إن وجد" لشراء رغيف الخبز أو طبق الأرز أو علبة الدواء ولا حول ولا قوة إلا بالله. يتم رفع القضايا ضد المسئولين المختصين بالدولة والمفروض انهم مسئولون عن إعطاء هذه الحقوق لأصحابها بسرعة لأن أحوالهم لا تحتمل الانتظار. فلماذا كل هذا العذاب والزحف علي التراب. لو سألت أي إنسان يعيش بيننا أو بعيداً عنا لقال ان المحاكم فيها ما يكفيها وزيادة يطول الأمد في انتظار الحكم فيها بسبب كثرتها. كما ان أصحاب المعاشات فيهم ما يكفيهم وزيادة: ألم ويأس وفقر ومرض وشيخوخة ونكران للجميل ونفد رصيدهم من المال والصبر واقترب العمر من النهاية. ويضيف: لماذا لا يتوجه صاحب المعاش بأوراقه مباشرة إلي مكتب التأمينات القريب. يسلم أوراقه ويحصل علي حقوقه طبقاً لمبدأ رد الحق إلي أصحابه.. وأيضاً اعتراف بجميل من قضوا حياتهم في خدمة الوطن والمواطنين. وليتوقف لسان حالهم عن تكرار قول المشاعر طرفة بن العبد في معلقته:
وظلـــم ذوي القــــربي أشــــد مضـــــاضة
عــلي المــــرء من وقــــع الحســـــام المهنــد
والمضاضة: ألم المصيبة والجرح العميق والحسام
المهند: السيف الهندي القاطع
ولعل مطلع العام الجديد يأتي علي أصحاب المعاشات بخبر سعيد يحل مشكلتهم ويرد حقهم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف