الجمهورية
عبد الرحمن فهمى
ذكريات .. البقية في حياتنا جميعاً مات آخر كباتن مصر
* البقية في حياتكم جميعاً.. بل البقية في حياتنا جميعاً.. لقد مات كابتن مصر الكبير.. مات دياب العطار. الشهير بالديبة. بعد عمر طويل. مليء بالانتصارات والإنجازات وخدماته لبلده ولكل الناس. طبعاً عشرات كتبوا وسيكتبون عنه.. نقاداً وصحفيين وكُتاباً.. ولكن اسمحوا لي أن أكتب بعضاً من سيرته الذاتية التي كنت سبباً فيها.. وربما الأجيال الحالية لا تعرف شيئاً عنها.. مثلاً في بداية تألق الديبة كهداف وهو في عمر الأشبال الكبار.. كان من عادة محمود بدرالدين "أبو كرة القدم" المصرية. أول مدير حقيقي لاتحاد الكرة. كان من عادته أن يدعو أي فريق أوروبي يفوز ببطولة كبري ليلعب في مصر مباراتين بالقاهرة ثم في الإسكندرية.. فازت يوغوسلافيا ببطولة الأمم الأوروبية وكانت تمتاز بحارس مرماها العملاق "بيارا".. في مباراة الإسكندرية قرر بدرالدين أن ينزل فريق مصر الدولي تحت قيادة اللاعب الشاب الديبة.. لا تتصور ماذا فعلت الجماهير السكندرية في استقبال الفريق.. التصفيق بالكرسي قبل الأيدي. ورغم انتهاء مراسم البداية وانتظر اللاعبون في المستطيل الأخضر لبدء المباراة. ظل التصفيق الجنوني مستمراً. ولم يتوقف إلا مع صفارة البداية.. ولعل هذه المباراة كانت بداية "مشوار الشهرة".. خاصة أن الديبة حقق المستحيل حينما أحرز ثلاثة أهداف في خير حارس مرمي عالمي. لتتعادل مصر مع بطل أوروبا.. "3/3".
* * *
* لكن أهم ما في مسيرته المشرفة الرائعة أن التاريخ . بل طوب نادي الاتحاد يشهدان كيف أعاد الديبة بناء نادي الاتحاد السكندري مرتين.. قرب مترو الإسكندرية من مبني نادي الاتحاد هدم المبني والمدرجات مرتين خلال زلزالين.. كانت مباني النادي تهتز بشدة طوال اليوم مع ذهاب وإياب عربات المترو.. ثم كان كشيء طبيعي جداً أن المبني يسقط مع قوة الزلزال.. كيف نعيد بناء النادي؟!.. المبلغ المطلوب ضخم.
رأي الديبة "عاشق أم كلثوم" أن حفلاً تقيمه أم كلثوم في سرادق ضخم جداً يملأ حديقة المنتزه كفيل بالبدء في وضع الأساس علي الأقل. لكي تختشي الحكومة ممثلة في المجلس الأعلي والمحافظ بعد ذلك. . هنا تظهر شخصية وشعبية "الديبة".. لم نجد سكرتارية لأم كلثوم لنأخذ موعداً.. ذهبنا إلي الحجرة المجاورة لحجرتنا. حيث القسم الفني للجريدة. فأعطونا رقم تليفون ابن شقيقة الست. وهو تقريباً القائم بكل أمورها المالية.. لم يرد أحد علي التليفون.. ذهب الديبة إلي الفيلا بالزمالك مباشرة.. فكانت المفاجأة.. الجنايني بكل الطين والماء يعانق الديبة. غير مصدق أن يراه. وينادي بأعلي صوته علي السفرجي الذي يهرول إلي الحديثة ليصحب الضيف الكبير المشهور إلي حجرة الصالون. حيث السيدة مديرة المنزل "التي قيل إنها بنت أخت أم كلثوم. تنتظره!!!... وتحضر أم كلثوم لتعلن موافقتها علي شرط ألا تأخذ أي مقابل. ومستعدة لأكثر من حفل.. ولفتت نظرنا إلي أنه لا داعي لسرادق وكراسي وميكروفونات وإضاءة.. كل هذا ممكن اختصاره بإقامة الحفل في مسرح أو دار سينما. حتي لا تكون هناك أي مصروفات قط.. بالفعل كان الحفل الثاني في سينما "الهمبرا" في شارع صفية زغلول.. ولما طلبت السينما مقابل تشغيل السينما ومصاريف الموظفين والعمال.. كانت الحفلة الثالثة في ملعب الاتحاد نفسه.. عندما تلكأت الحكومة في الدفع!!!
نزلت أم كلثوم وفرقتها الموسيقية في فندق "ميديترينيان" في استانلي. ورفضت بشدة أن تدفع أجرة الحجرات.. ولا أتعاب الفرقة.. هذه هي شخصية وشعبية المرحوم "الديبة".
* * *
الديبة يعشق الفن.. يحفظ عن ظهر قلب كل أغاني أم كلثوم ويرددها بأنغامها باستمرار.. وكان حريصاً علي حضور مهرجان الإسكندرية السينمائي.. طلب مني تذاكر له وزوجته وبنته. وقد كان.. وما أن شاهده من علي بعد ممدوح الليثي. رئيس المهرجان حتي صرخ وهرول نحوه. وعانقه وقال لكل من حوله: "هذا جزء من تاريخ مصر".. وبالتالي لم يكن الديبة في حاجة لتذاكري!!.. أما قصة تحوله بعد الاعتزال إلي ناقد علي أعلي مستوي. فإلي عدد قادم بإذن الله تعالي.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف