طارق الأدور
كلام رياضي جداً .. إعلام العار "9" اشتم.. تربح
لم يعد للإعلام دوره الريادي في تقويم المجتمع وابراز سلبياته وايجابياته كما كان حتي الماضي القريب.. كانت الدراما التليفزيونية وأفلام السينما تقدم النماذج المجتمعية الجيدة والنماذج الفاسدة ولكنها تضع النهاية دائماً لمصلحة الصالح وليس الطالح.
كنا نشاهد البطل شخصية طموحة يقدم الخير دائماً لأهله ومجتمعه.. يمتثل بالأخلاق النبيلة والشهامة والجدعنة ولكن حتي تكون الدراما صادقة يظهر في المشهد أصحاب السلوكيات السيئة ولكنهم في النهاية لا يكونون الأبطال أو المنتصرين.
تحول الإعلام عن هدفه الأساسي في إبراز الحقائق وفي إظهار الأسوة الحسنة بالمظهر الجيد مقابل إبراز سلبيات الشخصيات السيئة.
أصبح الإعلام يتهافت الآن علي من يعلم مقدمو البرامج أنهم لن يتحدثوا إلا بألفاظ جارحة أو نابية وسيتحدثون ويخوضون في الأعراض ويخدشون الحياء ويفسدون الذوق العام.
الإعلامي يعتبر نفسه أنه إذا استضاف هؤلاء المفسدين سيحقق انتصاراً إعلامياً لأنه سيحظي بأكبر قدر من المتابعة ليس لبرنامجه المذاع علي الهواء.. ولكن من خلال المشاهدات المكثفة لبرنامجه لاحقاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو اليوتيوب إذا نشرت هذه البذاءات عبر فيس بوك مثلاً.
الإعلامي الآن ينظر إلي أرقام من خلال عدد المشاهدات ولا ينظر إلي مادته الإعلامية التي قد تفسد جيلاً كاملاً لأنه يهدف إلي كم المشاهدة أكثر من الهدف الأسمي للإعلام وهو قيمة المادة المقدمة عبر وسائله المختلفة سواء الإعلام المكتوب أو المرئي أو المسموع.
شاهدت أحد الإعلانات ويظهر فيه بطل الإعلان يتناول أحد الأطعمة التي نعلم تماماً أنها أحد أسباب فساد الصحة العامة لأطفال وشباب الجيل الحالي وعندما يظهر لهذا الرجل زوجته أو والده أو رئيسه في العمل ويتناول هذه الأطعمة يتحول الشخص أمامه إلي تراب.. هكذا نقدم الأسوة والقيم لشباب جيل كامل بدلاً مما كان يقدم في الماضي من قيم ومبادئ دون أي ابتذال.
إعلام العار الحالي أصبح يستضيف الشخصيات الذين يطلق عليهم أنهم أصحاب الآراء المثيرة واللاذعة لأنهم هم من يستقطبون المشاهد ويلفتون انتباهه.
هكذا تحولت أيضا الدراما إلي إبراز تاجر المخدرات والصايع وصاحب الألفاظ الخارجة في صورة فتي الشاشة الأول وأصبح هذا النموذج يقدم للشباب علي أنه القدوة والشاب "الروش" الذي يعشقه شباب هذه الأيام ويتمنون أن يكونوا مثله.
أما عما يحدث في الرياضة فهو ليس بعيداً.
كل ما هو مطلوب أن تستضيف هؤلاء الذين لا أحب أن أذكرهم بقلمي. حتي تسمع ما لذ وطاب من ألسنتهم ضد كل الناس وبالطبع هم أكثر من يحظون بالاستضافة والمتابعة من كل الناس في "إعلام العار" الذي نعيشه هذه الأيام.