المساء
محمد غزلان
مغارة علي بابا
في الوقت الذي يعاني فيه الناس من غلاء المعيشة وصعوبة الحياة ويحسبونها كل صباح كم للأسرة والدروس الخصوصية وكم للدواء وكم للمواصلات. يصحو الناس علي خبر القبض علي مرتش حول منزله إلي بنك متنقل وظل رجال الرقابة الإدارية كما قيل وأشيع ثماني ساعات كاملة لحصر الرشاوي المضبوطة في منزل هذا الشقي الحصيلة 24 مليون جنيه مصري و4 ملايين دولار أمريكي و2 مليون يورو ومليون ريال سعودي أي ما يعادل 140 مليون جنيه مصري بالإضافة إلي كميات من المشغولات الذهبية وعقود شراء عقارات وشقق سكنية وعقود شراء سيارات.
الموظف يشغل منصب مدير المشتريات في مجلس الدولة والمدة التي شغلها في الوظيفة خمسة عشر عاما جمع فيها كل هذه الأموال ولم يشعر به أحد ولم يظهر عليه ثراء ويقول جيرانه ان لديه سيارة تويوتا كرولا موديل هذا العام وسيارة دفع رباعي حديثة وكان يذهب إلي عمله بسيارة متهالكة ماركة فيات 128 كل هذه المعلومات اصبح يعرفها القاصي والداني. ويتساءل البعض وكاتب هذه السطور منهم كما ألف موظف من هذا النوع يرتعون في الجهاز الإداري المصري والذي يقترب عدد موظفيه من سبعة ملايين.
عدد نوعية هذا الموظف الشقي لا يقل عن عشرة في المائة من الموظفين علي أقل تقدير.. نعم بعضهم ليس معه ملايين الجنيهات السائلة ولكنهم يملكون عقارات وسيارات وأراضي كتبوها بأسماء زوجاتهم أو أقاربهم ورغم ان الرقابة الإدارية تعمل ليل نهار. إلا أن هناك من يسقط بالصدفة وربما يكون هذا الشخص منهم. حيث يقول جيرانه ان ابنه كان يسرقه ويقرض الأموال لأصدقائه وربما يكون هذا هو بداية الخيط. إلا أن خيوط ضبط هؤلاء الموظفين ليست بالصعبة أو المستحيلة. خاصة وإن هناك قاعدة بيانات لكافة المواطنين ومن الممكن والسهل وبضغطة زر تعرف لمواطن ما عدد السيارات التي يملكها وبنفس الزر عدد الشقق التي في حوزته حيث ان عدادات الغاز والكهرباء في مصر وأسماء مستغليها في قاعدة البيانات واذا كانت الدولة جادة فعلا في محاربة الفساد والرشاوي ان تسن قانونا بتجريم كل من يبيع عقاراً أو سيارة أو وحدة سكنية دون نقل ملكيتها للمشتري الجديد وألا تقل الغرامة عن مائة ألف جنيه مع تقليل أو تخفيض رسوم نقل الملكية حتي لا تكون الصدفة وحدها هي الخيط المؤدي إلي القبض علي أمثال هذا المرتشي.
وإذا كانت الرقابة الإدارية تصلها احيانا بلاغات أو يتوصل رجالها إلي خيوط من النوادي والمقاهي والتجمعات المختلفة فإن تسجيل الملكيات بأنواعها سيسهل الأمر كثيرا ويكشف المزيد من الفسدة الذين يتحركون وكأنهم باشاوات تقدم إليهم التحية في كل مكان وإذا كان الشئ بالشئ يذكر فانه تم القبض علي شخص ما منذ سنوات وكان قد ظهر في المعادي وقام بشراء عدد من الشقق في أبراج عثمان علي كورنيش النيل في المعادي وإذا به مرتش كبير يشغل منصب مستشار لوزير الزراعة ليتم القبض عليه ووجدوا أيضا في حوزته أموالاً ومشغولات ذهبية وخلافه.
قد يكون القبض علي الفسدة والمرتشين والاعلان عن تلك العمليات تشفي غليل الناس الذين يعانون كما ذكرت إلا أننا نحتاج جيشا من الرقابة الإدارية لكشف هذه المخالفات في ظل غياب الرقابة الفعلية داخل المؤسسات.
يقول الناس ان ما وجدته الرقابة الإدارية في منزل هذا الباشا الفاسد يساوي رواتب 95 ألف مدرس لمدة شهر وتتباري فئات أخري في دخول الحسبة والمزاد. بينما يرتع الآلاف من امثاله في كافة مفاصل الدولة. ينهبون ويسرقون ويرتشون ولا أحد يصل إليهم فالفساد يجتاح فعلا المجتمع كله ليحاربه وليشير بغير خوف إلي كل فاسد مهما علا شأنه ويتواصلون مع الرقابة الادارية بكل وسائل الاتصال والتي لم يعد غيرها يطارد الفساد في كل مكان حتي لو كان في مغارة علي بابا!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف