صلاح الحفناوى
الشعب الجبار .. وجشع التجار
يستحق العام الذي ودعناه قبل أيام.. بمقاييس المقدمات والنتائج والدلالات.. وصف العام الأهم مقارنة بأعوام ودعناها علي امتداد عقود أربعة.. فقد اثبتت الاحداث أن شعب مصر هو عن حق شعب جبار.. يعرف عندما تضيق الحلقات وتحل الأزمات.. حكمة الاختيار.. فقد شهد أحداثا موجعة استقبلها باختيار الوطن وقبول الألم حتي يتعافي ويستعيد مكانته ويخطو بثقة.. مدعوما بحب قطاع كبير من أبنائه.. تحمل ولا يزال مخاض الولادة الاقتصادية المتعثرة.. رغم عبث الفئة الضالة من المشككين والمستغلين والمتاجرين في جراحه بلا وازع من أخلاق أو ضمير.
كانت القرارات الاقتصادية التي اختتم بها العام 2016 أحداثه.. مؤلمة بشكل بدا للبعض انها تفوق قدرة أبناء المحروسة علي الاحتمال.. وفي مقدمتها تعويم الدولار.. الذي ارتفع بسعر العملة الخضراء الي ما يزيد علي الضعف بكثير.. لترتفع أسعار كل شيء بشكل مبالغ فيه.. يتجاوز قدرة المصري البسيط الذي يعيش علي دخله المحدود علي التحمل.. بل أن أسعار بعض السلع التي لا علاقة لها بالدولار أو بأي عملة أجنبية أخري.. تضاعفت مرات ومرات في صورة مخزية للجشع الذي استفحل ولم يجد من يواجهه.
تحمل الشعب القرارات الاقتصادية الصعبة وافشل رهان المتاجرين في الشعارات واصاب دعاه الخراب في مقتل عندما استقبل دعواتهم الي ما اطلقوا عليه ثورة جياع بالرفض المطلق وربما السخرية.. ليقدم الوجه المشرق للعام الذي ودعناه.. بعد أن ادرك أن الخيارات الصعبة هي ما نحتاجه الان.. وأن زمن المسكنات قد ولي يعد امامنا سوي الجراحات الصعبة.. أدرك الشعب بوعيه الفطري أن قافلة البناء تسابق الزمن لتعويض سنوات الفوضي التي انهار فيها كل شيء.. وأن المواجهة في حرب الإرهاب تستحق أن نصبر قليلا وأن نتفهم دوافع القرارات واسباب الأزمات.. فجاء حصاد الوفاء والانتماء سخيا وفيرا.
والصدق يقتضي ان نعترف بأن أحداث العام لم تكن كلها مشرقة.. وأن الوجه الآخر للصورة ليس زاهيا.. ففي مواجهة شعب اختار التحمل والصبر.. استغلت فئات فاسدة جشعة الموقف فتاجرت في آلامه لتحول متاعبه الي مكاسب غير مشروعة.. وبدلا من أن تستثمر الفرصة الذهبية التي نجمت عن ارتفاع تكلفة الاستيراد بسبب ارتفاع الدولار.. في زيادة الانتاج وانعاش الاقتصاد.. دخلت في سباق رفع الأسعار لتضاعف فاتورة التضخم وتصيب القدرة الشرائية للبسطاء في مقتل.
مشاريع عملاقة.. اصلاح اقتصادي مؤلم ولكنه فعال.. خطوات واثقة علي طريق اعادة البناء.. هذا هو حصاد العام الذي يبرر أسباب التفاؤل بعام جديد يحمل بشائر الرخاء.