رضا محمد طه
الحلقة المفقودة والحقيقة الضائعة
كثيراً ما تدار بعض أمورنا في غياب الشفافية والوضوح، ونعتمد في تفسير بعض الأحداث علي الهواجس أو التخمينات والإحتمالات، بما يعطي إنطباع عن وجود شخص مجهول يقف في الخفاء هو من خطط ودبر ولديه من الحنكة والذكاء بحيث يترك حلقة مفقودة في التسلسل المنطقي للخطوات التي تمت بها تلك الحادثة أو غيرها، تاركاً الناس في "حيص بيص" أو حياري يضربون أخماساً في أسداس كما يقول العامة. خلال الستينات وعقب نكسة 67 أخبرتنا الصحف والتقارير الحكومية عن إنتحار المشير عامر، لكن وحتي الآن مازالت الناس في حيرة وتساؤل: هل إنتحر المشير أم قُتل؟ والإجتهادات والآراء في تلك القضية كثيرة ومتنوعة التفسير. خلال التسعينات ظهرت قضية الجندي سليمان خاطر الذي قتل إسرائيلين أثناء وجوده للحراسة كانوا قد إخترقوا الحدود دون إذن السلطات المصرية، ثم خرجت علينا الأخبار بمصادرها المختلفة لتخبرنا أنه إنتحر أثناء وجوده بالسجن، وطبعاً إختلفت الناس في تفسير قيامه بذلك، والبعض لم يصدق الخبر من أساسه، وحتي الآن تطالعنا بعض الصحف بالجديد في هذا الموضوع، وليس ببعيد ما حدث بالأمس القريب ، فكانت الحيرة والتساؤلات العديدة وعلامات الأستفهام من قبل الناس الذين إستقبلوا الخبر مثلما كان في الأحداث السابقة. وللتبريرات الجاهزة عندنا الأساتذة في ذلك، تختلف أساليبهم ومذاهبهم حسب موقعهم ومركزهم ولأي مؤسسة ينتمون، هذا بخلاف مقدمي بعض البرامج بالفضائيات الذين يختلفون في قوة تأثيرهم وتبريراتهم، فمنهم السطحي المبتذل والفج، ومنهم الملتوي والخبيث، لكن أغلبهم بهلوانات تُجيد الحنجلة والأونطة بالإضافة للتزييف والطنطنات الفارغة. في أحداث مشابهة أو حتي موضوعات أخري تحتاج لتفسير، للأسف يخرج علينا بعض المسئولين وكذلك الإعلام خاصة خلال برامج التوك شو ببعض الفضائيات المعروفة، بتبريرات ساذجة لا تنطلي علي أطفال كي جي وان، والمدهش أنهم يصدقون أن أكثرية الناس يصدقون كلامهم، فهم يكذبون وبعضهم يتعمد ذلك، لا أدري متي يتخلي هؤلاء عن أكاذيبهم تلك وتكون الشفافية والوضوح هما الركيزة الأساسية في نقل الخبر للناس مهما كان لأن زمن الوصاية والنهج الأبوي في تسيير الأمور قد أثبت فشله، ونحن مستعدون لتحمل المصاعب مهما كانت في سبيل نهضة البلد وتخطيها للمصاعب في ظل مناخ من العدل والشفافية والصراحة والمصداقية.