الوطن
محمد صلاح البدرى
إلى متى ستحتمل شعبية الرئيس؟!
فى أوائل أيام حكم الرئيس عبدالفتاح السيسى، وبعد انتخابات الرئاسة بأيام قليلة، قامت حكومة المهندس إبراهيم محلب برفع الدعم جزئياً عن الوقود، وذلك عقب رفض الرئيس اعتماد الموازنة العامة للدولة بمقدار عجز ضخم بلغ ١٢٪‏ من الناتج القومى المحلى، الأمر الذى أدى لارتفاع فى أسعار البنزين بمعدلات مختلفة!

لقد رحب اقتصاديون بذلك القرار، فى حين صرح وقتها الكثير من السياسيين بتخوفهم من ذلك الإجراء الذى قد يؤدى إلى احتجاجات شعبية تؤثر على استقرار البلاد، ولكن شيئاً لم يحدث، وتقبّل الناس الزيادة بعد أن صرح الرئيس فى خطاب بعدها بأن الزيادة كانت ضرورية بل وتأخرت كثيراً.

٢

فى خطاب الرئيس عبدالفتاح السيسى فى أغسطس من العام الماضى بثه التليفزيون على الهواء وقتها، صرح سيادته بأنه لن يتردد فى اتخاذ إجراءات إصلاح اقتصادى صعبة كان يتجنبها الرؤساء السابقون خشية اندلاع احتجاجات.

وأضاف «السيسى» فى ذلك الخطاب الذى ألقاه على هامش افتتاح مصنع للبتروكيماويات فى الإسكندرية، أن: «المحاولة الأولى لإجراء إصلاح حقيقى كانت فى 1977، ولكن الدولة قد تراجعت بعد رد الفعل السلبى الذى حدث وقتها، فى إشارة لأحداث ١٨-١٩ يناير من ذلك العام.

لقد أقر سيادته أن كل من سبقه من رؤساء قد ترددوا فى اتخاذ تلك القرارات، ولكنه لن يفعل!!

فلم يمض على تلك الكلمات شهور قليلة إلا ونفذ الرئيس قراره وحرر سعر الصرف للعملة المحلية، مع رفع الدعم بصورة أكبر عن الوقود، كل ذلك بالتزامن مع الكثير من الإصلاحات التى تهدف لإعادة هيكلة الاقتصاد المصرى بالكامل!

لقد تمكن من اتخاذ قرارات جبن الكثيرون من قبله أن يفكروا فيها، ولكنه فعلها!

٣

يصرح الرئيس فى كل مناسبة بأن الشعب ينبغى أن يقف بجانبه فى الإصلاح الذى يريده، وأنه ينبغى أن يتحمل حتى تعبر البلاد تلك الفترة الحرجة، لقد اعتاد أن يطلب ذلك بلغة عامية سهلة، ويؤكد على مخاطبة الجمهور بياء المخاطب التى يعقبها وصف «المصريين»، فى إشارة حميمية اعتادها الناس منه ربما حتى قبل أن يتولى الحكم.

إنه نوع من شحذ الوطنية والانتماء بداخل المستمع، أو ربما نوع من استدعاء لشعبية يعرف جيداً حجمها بين مؤيديه، ويدرك أنه اكتسبها من إنقاذه للوطن من بين يدى الإخوان الذين كانوا أبعد ما يكونون عن خانة الجنسية بمشروعهم الأممى!

٤

لم يخف بكل تأكيد على السيد الرئيس وأجهزته كلها خطورة التخلى عن الرشاوى السياسية للشعب المتمثلة فى الدعم و«المنحة ياريس»، وغيرها من وسائل التسكين التى استعملها من قبله، ولكنه اعتمد فى رأيى على أن يظهر صدقه وإصراره أمامهم فى نبرات صوته، وفى أسلوبه الذى لم يتغير منذ توليه الحكم وحتى الآن.

٥

يظل الرئيس عبدالفتاح السيسى مختلفاً عن كل من سبقه فى حكم هذا الوادى الطيب منذ عهد محمد على حتى الآن، شاء من شاء وأبى من أبى، رئيس يرى أنه قد أتى لمهمة مقدسة لهذا الوطن دون أن يضع فى اعتباره معايير الاستمرارية كما فعل سابقوه!

لقد تحملت شعبية الرئيس حتى الآن الكثير من القرارات المسكوت عنها لعقود سابقة.

فهل ستحتمل أيضاً الأيام المقبلة، التى يؤكد الخبراء أنها ستكون صعبة حقاً؟!، إنه السؤال الذى يفرض نفسه أمام الجميع الآن، والذى -ولسبب غير مفهوم- لم يشغل باله هو أبداً!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف