< منع ابراهيم عيسى من الظهور على شاشة القاهرة والناس، لن يوقف أزمة الاقتصاد المصرى... وحبسه حتى لو حدث لن ينفى وجود سلبيات إدارية وسياسية واقتصادية ومرفقية تؤثر فى صلابة المجتمع خلال مواجهته للظروف الصعبة التى تمر بها البلاد، فالكلمة الحرة التى تم منعها، رغم أنها تصدر من قائلها لمصلحة الدولة والنظام، هى كلمة سند وآلة تنبيه، وهى البديل لكلمات نقد أقوى منها تقال فى قنوات تستهدف إسقاط الدولة والإطاحة بالنظام، وتصدر من أفواه تريد العودة للوراء.
< منع إبراهيم عيسى من الظهور لن يمنع وجود شباب غاضب، تظاهر أمس الأول أمام نقابة الصحفيين، ليس بسبب اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية، هذا ليس هو السبب الوحيد، ولكنه، كما أتصور، طريقة إقرار تسليم جزيرتى تيران وصنافير، فقد تمت فى المرة الأولى دون مشاورة الناس أصحاب البلد، ودون تهيئة الرأى العام، وتمت فى المرة الثانية، بقرار منفرد من مجلس الوزراء، دون احترام لأحكام القضاء، وأتصور أن الطريق سيتجه، رغمًا عن الجميع إلى التحكيم الدولى، وعندها سنخرج من مهاترات الداخل، التى لم تتمكن من الحفاظ على علاقة طيبة مع أشقاء حلفاء، ولم تتمكن أيضًا من إعمال السيادة، فوقفنا فى منطقة وسيطة ما بين الجنة والنار!
< منع إبراهيم عيسى من الظهور لن يوقف الفساد الذى يحتاج إلى قوانين حاسمة وباترة تقطع دابر الفساد، وتستأصل جذوره المتشعبة، حتى أنه أصبح أسلوب حياة لكثير من المصريين الذين ارتضوه حلًا، فمنهم من يستخدمه للإنفاق على بيته، ومنه من يخضع له للخروج من سيطرة الموظفين وبعض المسئولين! فهل وقف كلمات إبراهيم عيسى ستمنع سطوة هؤلاء الفاسدين السارقين لحقوق الناس، أو تجعلهم يخشون القانون، العكس هو الصحيح، فالفساد لا يعيش مع قانون يُطبق، وإعلام حُر يكشف ألاعيبه! ومن الآن وبعد وقف برنامج إبراهيم عيسى ارصدوا قضايا الفساد التى ستكشف عنها الأيام القادمة، وهى لا تقل عن حجم قضية فساد موظف مجلس الدولة، الذى كان يحتفظ بـــ 150 مليون جنيه فى بيته، وقد ماتت القضية بعد أن قتل المستشار أمين عام المجلس نفسه، قبل أن نعرف باقى العصابة!
< منع برنامج إبراهيم عيسى لن ينفى حقيقة التضخم الذى تسببت فيه خدمة الديون وارتفاع حجم الإنفاق مع قلة الناتج والدخل القومى! لن ينفى انهيار صناعة السياحة بسبب الحرب الاقتصادية قبل السياسية التى تخوضها ضدنا بعض الدول التى تنافسنا فى سوق السياحة، وكلمات إبراهيم عيسى ليست هى صاحبة إحصائية خطيرة أصدرها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، تقول إن إجمالـى عدد النزلاء فى فنادق مصر 9.6 مليــون نزيــل عــام 2015 مقابــل 11.4 مليـون نزيــل عـام 2014 بانخفـاض بلغت نسبته 15.7٪..! فهل فعلها إبراهيم عيسى الذى يتحدث العربية بطلاقة، وأقنع ملايين السياح الأوربيين والروس بعدم زيارة مصر! وهل تسببت كلماته فى امتناع المستثمرين الأجانب من العمل عندنا، أم أن السبب هى القوانين العقيمة التى نعمل بها منذ منتصف القرن الماضى، كما أننا لا نقاوم الأيادى التى تُعيق صدور قانون استثمار يجعل عصمة المستثمر فى يده وعقله ولا يجعل «رقبته» فى يد موظف مرتشٍ، أو مسئول فاسد!
< منع برنامج إبراهيم عيسى، لن يُجبر الناس على الاستماع لمقدمى برامج آخرين يرفضهم معظم المصريين، بل هى دعوة صريحة، للمشاهدين، كى يوجهوا مؤشر التليفزيون، لقنوات الإخوان.. نعم... نموذج ابراهيم عيسى كمقدم برامج، كان حائط صد ضد برامج تستهدف إسقاطنا، وليس النقد للإصلاح مثلما يفعل عيسى ومن سار على نهجه، فالإصلاح ليس بتغطية العيوب، فهذا ليس إصلاحًا، ولكنه يسمى تدليسًا، وتزييفًا، وتأجيلًا للمواجهة المحسومة مع كل أوجه القصور، اللازم إقصاؤها للسير فى طريق مستقيم!
< منع برنامج إبراهيم عيسى..أحد أنصار الدولة المصرية الديمقراطية المدنية الحديثة، بل أحد أنصار النظام الحالى، هو مؤشر خطر! ودليل على أن هناك من لا يريد للوطن أن يتقدم، ولا يريد للأصوات الحرة أن تجد طريقها، فقرر السير فى الطريق السهل، وهو إرسال ابراهيم عيسى فى بعثة راحة طويلة مع رفاقه، محمود سعد، ودينا عبدالرحمن، بل أقول.. مع توفيق عكاشة الذى أرفض قرار منعه من الظهور، رغم اختلافى الكلى مع ما يقول!
< اقطعوا لسان إبراهيم عيسى، أو اطرحوه أرضًا، افعلوا كما تشاءون، لكننا نشهد أمام الله، وأمام التاريخ، أن منع البرنامج هو الإجابة الخاطئة، فى الوقت الخاطئ!