أحمد عبد التواب
القانون لا يُجرِّم بلطجة السيَّاس!
ما كان أحد يتخيل، بعد كل هذه السنوات من معاناة السائقين وأصحاب السيارات مع السيَّاس فى الركن فى شوارع مدن مصر كلها، أنه ليس لدينا تشريع يُنظِّم هذا الموضوع،
وأنه ليس هنالك نصّ على تجريم هذه البلطجة اليومية التى يدفع فيها ملايين المواطنين إتاوات علنية أمام رجال الأمن، هذا ما كشفه اللواء محمود عبد الرازق، مساعد مدير الإدارة العامة لمرور القاهرة، فى إحدى لجان مجلس النواب هذا الأسبوع، بعد أن أقرَّ بأن السيَّاس يمارسون البلطجة فى شوارع القاهرة، ثم حين تلقى الشرطة القبض على بعضهم تُفرِج عنهم النيابة لأنه ليس هنالك نصّ بهذه المخالفات!!
لم يعد من المُجدِى إبداء الدهشة من كيف استمرت الأوضاع هكذا طوال هذه السنوات، ولا التساؤل عن المسئول عن إهمال أحوال المواطنين إلى هذا الحدّ، إحنا ولاد النهارده! علينا أن نكون عمليين، حتى لا نبدِّد سنوات أخري، بما يعنى أنه يجب ألا نكتفى بإجراءات تحلّ جانباً من المشكلة وتدع جذورها تتفرع فى أماكن أخرى بأعراض أخرى حتى يأتى جيل آخر يبدى دهشته من تركها هكذا! ذلك لأن جميع محافظات مصر فى مدنها وقراها، تعانى يومياً هذا الاستنزاف الذى يتعرض له أيضاً السائقون وأصحاب الميكروباصات وسيارات السرفيس، الذين يُلبّون احتياجات ضرورية لملايين المواطنين، وقد زادت أهمية دورهم منذ بدأت الدولة تتراجع عن تقديم خدمات النقل. ولما صار لا مفرّ من أن يستسلم هؤلاء فى دفع إتاوات إلى البلطجية راحوا يوازنون خسائرهم برفع أجرة الركوب بما ترتب عليه توسيع دوائر الضحايا لتشمل ملايين المواطنين المضطرين إلى الدفع.
هل سيُجيز مشروعُ القانون المأمول أن يتولى مهام إدارة مواقف السيارات الرسمية والعشوائية فئة البلطجية المسجلين خطراً، وأن يتجاوز دخل الواحد منهم مئات الجنيهات يومياً، بلا أى جهد، ليبددها بعد ذلك على المخدرات، لنظل فى هذه الدائرة العدمية؟ وكيف يظن أى مسئول أنه بمنح البلطجية فرصة هذا العمل قد أمِن شرهم وخطرهم على المجتمع؟!