أحمد سعيد طنطاوى
التوكتوك والبقر وإنترنت الأشياء
ليس غريباً ما بٙدأت به الهند مُؤخراً من استخدام "بطاقات رقم قومي" للبقر والجاموس.. والفكرة بسيطة حيث سيقوم نحو 100 ألف مُتخصص بتركيب شرائح إلكترونية صغيرة في آذان البقر والجاموس، تضم هذه الشرائح رقماً فريداً لا يتكرر.
الشرائح الإلكترونية ستمكن الحكومة الهندية من متابعة الأبقار وحالتها الصحية والكميات التي تنتجها من ألبان، وغيرها من الأمور المختصة.
الفكرة تقوم على مبدأ إنترنت الأشياء الذي يجتاح العالم، لأنه يوفر ملايين البيانات.. والبيانات تؤدي بعد تحليلها إلي معلومات، وهو ما يساعد صانع القرار على اتخاذ القرار الصحيح بفعالية أكبر وإنترنت الأشياء لمن لا يعرف عبارة عن رقاقة إلكترونية صغيرة توضع على "الشيء" أياً كان هذا الشيء وترسل عن طريق الإنترنت الأمر المطلوب منها أو إليها.. فإذا أردت مثلا أن تنير شقتك قبل دخولك للمنزل فتضغط على برنامج في هاتفك المحمول فيرسل الأمر إلي المصباح المتصل بالإنترنت عبر الشريحة الإلكترونية فينير لك، أما هنا في هذه الحالة الهندية فإن الرقاقة سترسل تحركات البقر وأماكن تجمعها وغيرها من الأمور المختصة.
الهند تتقدم بخطي ثابتة نحو التقدم عبر التكنولوجيا ومن خلالها.. فالهند واحدة من أكبر مصدري البرمجيات في العالم، إن لم تكن في أحد المراكز الثلاثة الأولى.. فلقد وصلت إلى الفضاء وإلى تصنيع القنبلة النووية وأنتجت هاتفا محليا اسمه "فيردوم 251" يعمل بنظام "أندرويد" لا يتجاوز ثمنه 7 دولارات.. وأنتجت سيارة بسعر لا يتجاوز 1000 دولار.. وقدمت نخبة من أمهر وأذكي رجال التكنولوجيا في العالم.. حيث تشير الأرقام إلي أن نحو 40 في المئة من مهندسي وادي السيلكون بأمريكا هنود وأن عددهم يصل إلي نحو 300 ألف مهندس ومبرمج.
الحقيقة أن الهند لديها صناعة تكنولوجية كبيرة وعظيمة وثقيلة ولا شك في ذلك.. وأكبر مثال على ذلك التوكتوك الذي يسير في شوارع القاهرة.. ونسخر منه ويسخر منا.. بالتأكيد وراء هذا التوكتوك مئات المصانع المتنوعة، لكي يمشي على عجل، من بينها مصانع أسلاك الكهرباء والمطاط والحديد والجلود والخياطة وغيرها.
بعيداً عن جملة "فاكرني هندي ولا اية؟!!" والسخرية التي ألقتنا بعيداً عن التاريخ وجعلتنا نتكلم بلا عمل، ونصدر ضجيجا بلا طحن، فكلما رأيت التوكتوك في شوارع المحروسة؟! تذكرت واحداً من مؤشرات ونجاحات أمة بأكملها.. فهل يمكن أن نصل لمنتج مصري بجودة وكفاءة التوكتوك؟!.. لاحظ أنني لم أطالب بتطبيق الشرائح الإلكترونية وإنترنت الأشياء على البقر، فغيرنا فعلها وسيترك لنا السخرية .