مع بدء عام جديد، تذكرت كتابا رائعا، قرأته قبل سنوات، يحمل عنوان: "أفضل سنة في عمرك الآن"، يتطلع المرء معه، إلى أن يكون عام 2017، بالفعل أفضل عام في حياتنا، أفرادا ومجتمعات، دولا وأمما. يحتاج المرء مع بداية عام جديد، إلى أن يراجع حياته الماضية، وأن يغير ما يحتاج منها إلى تغيير، وأن يستذكر نصائح تعينه على ذلك، سواء محلية، أم أجنبية، ما دامت تتفق مع مبدأ "الانتفاع من تجارب الآخرين".
والأمر هكذا، يطرح الكتاب عددا من التساؤلات: ماذا أنجزت؟ وماذا كانت أكبر أشياء مخيبة لآمالي؟ وماذا تعلمت؟ وكيف أضع حدودا لنفسي؟ وما قيمي الشخصية؟ وما الأدوار التي أقوم بها؟ وعلى أي الأدوار أركز؟ وما أهدافي لكل دور؟ وما أهم عشرة أهداف للسنة المقبلة؟ وأخيرا: كيف أتأكد أنني أحققها؟
والبداية من أهمية تحديد الأولويات، ومراجعة كل مرحلة من مراحل الحياة، من أجل وضع أهداف للمرحلة التالية.
ولتحقيق ذلك تدعو المؤلفة إلى أن نفعل أفضل ما نفكر فيه، الآن، وأن نخرج من عربة الحياة، وأن نعيد النظر إليها مرة أخرى من زاوية مختلفة: ما الذي حققته خلال تلك الرحلة؟ وما الذي أجيد القيام به؟ وأي أخطاء ارتكبتها؟ وماذا تعلمت منها؟ وما المسافة التي قطعتها في إطارها؟
هنا يجب أن نطرد فشلنا وإخفاقنا بالطريقة نفسها التي نزيل بها الأعشاب المضرة من الحديقة، ثم تأتي المرحلة التالية، وفيها نقوم ب"تسميد التربة"، ولنا أن نتخيل ماذا يمكن أن ينمو في حديقة ملوثة بإحساس قوي بالفشل؟
لكن المشكلة تكمن في أننا لا ننظر إلى نواحي الموهبة والقوة التي نتمتع بها، لذلك نفشل في استخدامها في إحداث التغييرات التي نريدها.. كما أننا لا نقوم بأي خطوات في اتجاه أهدافنا المهمة، لأننا نعتقد أنه لا يمكننا القيام بها، وهذا خطأ.
والبداية تكون - بحسب الكتاب - بالإيمان بالنفس، وبأن المرء سيصبح أكثر صلابة في مواجهة التحديات، بالتغلب على المخاوف، والتحكم في توجيه الأشياء، والعمل بمبدأ: "لا تترك الأعشاب المضرة تنمو حول أحلامك".
ومن السهل هنا إلقاء اللوم على الآخرين، والدفاع عن النفس، باعتبار ذلك المخرج لتبرير أي فشل يحيق بنا، إذ إن هناك حكمة صينية تقول: "إذا لم نغير اتجاهنا فسوف ننتهي في المكان الذي نحن فيه".
والأمر هكذا، يطرح الكتاب تساؤلات عشرة، أولها ماذا أنجزت؟، وهنا تبدأ بتذكر الأشياء الإيجابية، وتسجيلها في مفكرة، وتحتفل بإنجازاتك، لتغذي روحك، ونفسك، وتخطط لمستقبلك.
والسؤال الثاني: "ماذا كانت أكبر أشياء مخيبة لآمالي؟، من منطلق: "اقتلع الأعشاب المضرة". والثالث: "ماذا تعلمت؟"، بمعنى: ماذا كان سر نجاحك؟ وما الطرق التي أجدت نفعاً؟.
والرابع: كيف أضع حدودًا لنفسي؟ وكيف أتوقف؟، ذلك أن ما تفكر وتركز فيه، هو ما ستحصل عليه، كما أن التحول يحدث عندما تضع نفسك في مركز حياتك، وتصنع عالمك الخاص بدلاً من أن تدع الظروف تحدد اتجاهك.
أما السؤال الخامس فهو: "ما قيمي الشخصية؟"، فقيمك هي مبادئك، ومستوياتك الشخصية، وأنت لست خط تجميع، أنت مُنتج نهائي.. فأدر المحرك، وتول قيادة نفسك.
وتسَاءل: "ما الأدوار التي أقوم بها في حياتي؟"، ذلك أن تحديد الأدوار يمكنك من توجيه نفسك، وتكييف حياتك وفق ذلك، ويضعك على مقعد القيادة لإدارة حياتك.
سابعا: "على أي الأدوار أركز؟، ويقتضي ذلك مراجعة دورة حياتك، والأدوار التي تؤديها فيها، من أجل تقرير الدور الذي سيكون موضع تركيزك في السنة المقبلة.
فمن الضروري زيادة قدرتك على تركيز قوى حياتك في اتجاه واحد لتحقق نوع التغيير الذي تريده، وكذلك توليد النتيجة التي تريدها، وبمجرد أن تختار موضع تركيزك اكتبه ثم استغرق وقتًا لتتخيل النجاح الذي يمكنك أن تحرزه فيه.
ثم يأتي السؤال الثامن: "ما أهدافي لكل دور؟"، فأنت تركز على ما تريده بدلاً مما لا تريده، ويجب أن تكون الأهداف محددة، وذات إطار زمني، وتبدأ بفعل، ولا تبدأ ب "يجب أن".
وتاسعا: "ما أهم عشرة أهداف للسنة المقبلة؟"، وتحته تدون عشرات الأهداف ثم تحدد العشرة الأكثر أهمية، وأولويتها لسنتك المقبلة، مما يسمح لك بتركيز قوتك كأشعة الليزر، ويعطيك خريطة لتنظيم رحلتك.
وبعد ذلك، لخِّص الأهداف العشرة في ورقة واحدة، واطبعها، واقرأها باستمرار حتى تعيشها، وتخيل نفسك، وقد حققتها؟
ثم يأتي السؤال الأخير: كيف أتأكد من أنني أحقق أهدافي العشرة؟، ذلك أن المشكلة ليست في عدم معرفتنا بما يجب أن نفعله، وإنما في عدم قيامنا بما يجب أن نفعله، وبالتالي لابد من فعل الشيء "المهم العاجل"، ثم "المهم غير العاجل".
أخيرا، للتخطيط للسنة كلها: ضع أهدافًا لثلاثين يومًا.. ثم لسبعة أيام.. ثم اجلس مع أهدافك الشهرية، وحدد الخطوات التي ستتخذها على مدار الأسبوع لتحقيقها.. ثم فكر في دورك: ما الشيء الأكثر أهمية الذي أريد أن أحققه خلال الأسبوع؟، وهكذا.