على فاروق
بالمرصاد .. لماذا رفض الشعب التظاهر ضد الغلاء؟!
في يناير 1977 في عهد الرئيس السادات قررت الحكومة رفع أسعار السلع الأساسية قروشاً قليلة.. وعلي الفور اندلعت مظاهرات عنيفة في الشارع المصري وأحرق المتظاهرون الاتوبيسات وبعض المنشآت واعتدوا علي الممتلكات الخاصة مما دعا الرئيس السادات الي فرض حظر التجوال والتراجع عن زيادات الأسعار!
وفي نوفمبر 2016 وافق الرئيس السيسي علي القرارات التي أعدتها حكومته بتعويم الجنيه المصري وزيادة أسعار الوقود الأمر الذي أدي الي موجة غلاء غير مسبوقة وزادت أسعار كل شيء في مصر بنسب تتراوح ما بين 100 إلي 300 في المائة مما أصاب الناس بالغضب والذهول!
ورغم ذلك لم تخرج مظاهرة واحدة في الشوارع تندد بما حدث وفشلت كل محاولات جماعة الإخوان الإرهابية ومن يقف وراءها في الداخل والخارج في احداث ثورة شعبية ضد هذا الغلاء المجنون!
قال لي صديق الغاضب مما يحدث ــ وكان مؤيداً بقوة للرئيس السيسي ــ : القبضة الأمنية الحديدية التي تحكم مصر الآن هي السبب في عدم خروج الناس الي الشوارع والتظاهر ضد الارتفاع الجنوني في الأسعار!
قلت له : لا توجد قبضة أمنية في العالم مهما كانت قوتها تستطيع أن تقف أمام إرادة شعب.. ولكن المواطن المصري البسيط أدرك بذكائه الفطري ان المظاهرات التي اندلعت في 25 يناير 2011 وأدت الي اسقاط النظام.. هي التي أوصلتنا الي ما نحن فيه الأن بعد أن صدقنا مزاعم الدول الغربية عندما أطلقت علي مظاهرات الشعب ثورات الربيع العربي وهي في الحقيقة كانت ثورات الفوضي والتخريب التي دمرت اقتصادنا وأغلقت مصانعنا وضيعت الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة وكان يصل الي 45 مليار دولار!! وضربت السياحة في مقتل بعد أن كانت تصل ايراداتها الي 12 مليار دولار سنويا ويعيش من ورائها ملايين المصريين!
كان يمكن للرئيس السيسي أن يلجأ الي الطريق السهل الذي لجأ اليه كل الرؤساء السابقون وينفق كل المساعدات والمنح والقروض التي حصلنا عليها لتوفير احتياجات المواطنين من السلع بأسعار مخفضة ولكنه رفض ذلك وفضل الطريق الصعب - رغم خطورته علي شعبيته - وذلك من أجل الاصلاح الحقيقي وبناء مصر الحديثة علي أسس قوية وراسخة.. أدرك الشعب المصري بذكائه الفطري أنه يجب علينا تناول الدواء المر حتي نستطيع أن نتجاوز الأزمة بسلام وحتي لا نظل نعتمد علي المساعدات والقروض من الدول الأخري ولكن ليس معني ذلك اننا نوافق علي ما تفعله الحكومة الحالية عندما رفعت الراية البيضاء أمام التجار وتركتهم يسيطرون علي الأسواق ويرفعون الأسعار كل يوم دون حسيب ولا رقيب بينما اكتفت الحكومة بالفرجة وكأن الأمر لا يعنيها في شيء.
أقول للحكومة أن صمت وصبر الشعب لن يستمر طويلا وأنه آن الأوان أن تنزل الي الشارع وتفرض رقابتها علي الجميع وتحدد هامش ربح معقولاً لكل السلع حتي يلتزم به التجار مع فرض عقوبات رادعة تصل الي السجن لأي تاجر لا يعلن هذه الأسعار ولا يلتزم بها تحركوا بسرعة.. قبل فوات الأوان!!