مثلما لم أستطع وكثيرون غيري فهم الحكمة من قيام مجلس الوزراء بإحالة اتفاقية تيران وصنافير إلي البرلمان رغم حكم القضاء الإداري ببطلانها.. فإنني وبكل صراحة وأمانة لا أستطيع أن أتفهم أسباب اعتقال الشباب الذي نظم وقفة أمام نقابة الصحفيين دفاعاً عن الوطن وعن مصرية تيران وصنافير.. بأي ذنب تم اعتقال هؤلاء الشباب.. وبأي ذنب يتم التعامل بعنف مع شباب لا يطالب بكرسي أو منصب أو مصلحة خاصة أو حتي وظيفة أو يرفع شعار حزب أو جماعة أو فكر أيدلوجي معين؟!
ماذا يمكن أن يقول أهل هؤلاء الشباب لإخوانهم أو أقاربهم أو جيرانهم.. هل يقولون إن أبناءنا تم القبض عليهم وإهانتهم لأنهم يقولون إن هذه الأرض مصرية.. هل هكذا نعلم الأبناء كيفية الانتماء للوطن.. هل نقول لأبنائنا وأشقائنا وجيراننا إن من يتمسك بمصرية الأرض "خاين" وعميل ويعمل ضد مصلحة الوطن؟!
لا أعلم أيضا لماذا يحرص البعض علي زيادة الفجوة بين الدولة والشباب بل وزيادة المواجهة؟!.. قلنا وقال آخرون إن أهم توصية لمؤتمر الشباب بشرم الشيخ كانت الإفراج عن الشباب المحبوسين بتهم التظاهر.. وبالفعل تم البدء في تنفيذ التوصيات وقامت لجنة العفو الرئاسي بدراسة الحالات وتم الإفراج عن الدفعة الأولي وقبل أن يصدر قرار الإفراج عن الدفعة الثانية يتم القبض علي شباب جدد وكأن البعض يريد تعويض ما تم الإفراج عنه في الدفعة الأولي واستبدال شباب بشباب آخر.. لماذا كلما تقدمنا خطوة عدنا خطوات مع العلم أيها السادة أن الشباب الذي يعلن مواقفه هذه الأيام غير الشباب الذي أعلن موقفه وتم التعامل معه؟!.. فشباب هذه الأيام مسلح بحكم قضائي يؤكد مصرية الجزيرتين فأي جريمة في هذا أو أي ذنب في ذلك؟!
يا حضرات دعونا نتعلم من تجارب الآخرين.. إن ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا السابق تبني وجهة النظر التي تقضي بعدم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وفعل كل ما يملكه هو وحكومته من أجل إقناع الشعب البريطاني بهذا الأمر وعندما جاءت نتيجة الاستفتاء بالرفض قام الرجل بتقديم استقالته واحترم رأي الشعب.. لم يعتقل شاباً ولم نسمع عن حبس واعتقال الرافضين للبقاء ضمن الاتحاد الأوروبي.. ومن بريطانيا مثل آخر حيث حرصت مارجريت تاتشر علي الحرب ضد الأرجنتين للحفاظ علي ملكية بريطانيا لجزر "فوكلاند" التي تبعد عن بريطانيا آلاف الكيلو مترات ولا يفصلها عن الأرجنتين سوي مسافة قليلة. ماذا نقول لشبابنا ولماذا نزيد الأمور اشتعالاً ونضع البلاد في مأزق وعلي حافة الهاوية؟!.. وماذا يقول الشباب المعتقل لأبنائه في المستقبل عندما يسألونه لماذا دخلت السجن؟!
المخبرون يمتنعون
أكرر تعلمت من والدي الحاج محمود عفيفي رحمه الله أن العمر والرزق بيد الخالق فقط وأن الحق وكلمة الحق واجب وجهاد.. وأعتقد أن ما أكتبه هنا يتفق مع قناعاتي وهو واضح وضوح الشمس ولا يحتاج إلي بلاغات أو شكاوي من بعض المخبرين ولا تأويل منهم لدي المسئولين أو بعض الجهات.. كل كلمة هنا هي من أجل الوطن.. أما أصحاب المصالح الشخصية فعليهم البحث عن وسيلة أخري للمكاسب والمناصب بعيداً عن جثتي وجثث الآخرين وجثة الوطن.
لهؤلاء وهؤلاء أقول ما قاله المطرب التونسي الشهير لطفي بوشناق: خدوا المناصب والكراسي لكن "خلولي" الوطن.
حمي الله مصر وحفظها من كل سوء.