الأخبار
جلال دويدار
حلال للمنتج الاجنبي حرام للمنتج المحلي؟!
الازمات التموينية والتسويقية التي تعرضت لها مصر المحروسة ويعاني منها الشعب.. تفاقمت وتصاعدت بسبب سوء الادارة الحكومية وانعدام الخبرة والمهنية وبُعد النظر وجنوح القيادات التنفيذية الي ممارسة الفهلوة والتحايل والتخبط. يدخل في هذا الاطار ما يصدر عن وزارة الزراعة فيما يتعلق بالتركيبة الزراعية التي تحدد الحاصلات والمساحات المخصصة للزراعة. يضاف الي ذلك ما يشوب قيامها بمسئولياتها في توفير الاسمدة والمبيدات والتقاوي التي تحتاجها الزراعة.
يأتي بعد ذلك دور وزارة التموين ومعها مجلس الوزراء في تحديد اسعار شراء الحاصلات الزراعية والتي تتسم بالظلم والغبن للمزارع المصري. يتجسد هذا التعامل- الذي يفتقد التقدير الصحيح لما يحقق المصلحة العامة - في عملية شراء الانتاج الزراعي المحلي المتمثل في القمح والارز وقصب السكر. الاسعار التي يتم فرضها علي المزارعين ويتم دفعها لهم تقل بنسب تتراوح من ٢٥٪ الي ٣٠٪ عن السعر الذي تدفعه لاستيراد نفس السلعة من الخارج. يضاف الي هذه القيمة تكاليف النقل من موانئ الدولة المنتجة والعمولات المدفوعة من تحت المنضدة.
هذه السياسة كانت وراء تعاظم عمليات تهرب الزراع من توريد انتاجهم الي الدولة وبيعه الي التجار بأسعار ليقوموا بتصديره الي الخارج بالاسعار العالمية ليتحقق لهم من وراء فروق السعر أرباحا خيالية. هذه الدورة التي تتسم بالفساد الاداري وغياب اليقظة يؤدي الي إلحاق أفدح الأضرار باقتصاديات الدولة المصرية متمثلا في قيمة ما تدفعه للاستيراد من الخارج بالعملة الاجنبية وكذلك بالقدر الذي يفقده المزارع بالبيع الي المصدرين بسعر يقل كثيرا عن السعر الذين يحصلون عليه.
هل ما ذكرته يلقي ما يكفي من الضوء علي الخسارة التي تتحملها الدولة ومزارعوها الذين يمثلون ٤٠٪ من سكانها نتيجة السياسات العشوائية التي تفتقد للشفافية والدراسة والبحث والخبرة؟
وفقا لهذه الدورة فإن ما يحدث في عملية استيراد احتياجاتنا الزراعية من الخارج يقوم علي اساس دعم المنتج الاجنبي بالشراء والاصرار علي حرمان المنُتج المحلي من حقوقه في الحصول علي السعر العادل المعمول به في السوق العالمي. لا يخفي علي احد ان التمسك بالعمل في اطار هذه المنظومة غير السليمة تعد عنصرا أساسيا في ازمة نقص السلع بالاسواق وكذلك العملة الصعبة وهو ما يترتب عليه انخفاض في قيمة الجنيه المصري.
ما قلته ما هو الا وجهة نظر تعتمد علي ما هو متوافر امامي من معلومات اري ان المزيد منها متوافر لدي الاجهزة المصرية المسئولة. يأتي علي رأس هذه الاجهزة.. المركزي للتعبئة والاحصاء وكذلك مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار الملحق بمجلس الوزراء المبجل. يبدو ان تقارير هذه الاجهزة المعاونة لا تلقي اي اهتمام او استخدام وهو ما ينعكس سلبا علي توافر القرارات الصحيحة التي تحقق الصالح العام. في هذا الاطار فإن المحصلة النهائية هي الأضرار التي تلحق بنا بسبب ان الحكومة المصرية تفضل العمل بمبدأ: »حلال للمنتج الاجنبي حرام علي المنتج المصري»‬.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف