الصباح
سليمان شفيق
صراعات أجنحة السلطة تضرب مشروع السيسى
*إدارة الرئيس متقدمة اقتصاديًا وخارجيًا وضعيفة سياسيًا.. وتضارب المصالح يربك المشهد

يحيط بالحالة السياسية الغموض والالتباس، وتختلط الأوراق، الإعلام فى جهة، وكبار موظفى الدولة فى جهة أخرى، وتسود فى أوساط الشعب حالة من الارتباك وعدم الفهم، وفى نفس الوقت تبدو الحالة الاقتصادية أكثر وضوحًا، ففى الوقت الذى تلقت مصر 6 مليارات من السعودية والإمارات والكويت، وزاد عدد الشركات العربية التى تم تأسيسها فى مصر مما يدل على نجاح السياسة الاقتصادية السيساوية بعد المؤتمر الاقتصادى، كما تزداد يومًا بعد يوم نجاحات السيسى فى السياسة الخارجية.. نجد أن الوضع السياسى على العكس !!
فالأحزاب مازالت تصدر تصريحات متناقضة، وباستثناء (حزبى المصريين الأحرار والمصرى الديمقراطى والنور)، الأحزاب الأخرى بلا رؤية ومازالت أسيرة منطلقاتها القديمة، وغير مستعدة للانتخابات، وتتبادل الإساءة للعملية السياسية برمتها، فالانتخابات من وجهة نظر رئيس حزب كبير د.السيد البدوى «سوق نخاسة»، والمهندس أحمد عز يرشح مجموعة لابأس بها من المستقلين، وأحد الأجهزة يغرق الساحة الانتخابية بمئات من المستقلين بحثًا عن دور و«كروت لعب» فى المرحلة المقبلة، واتهامات لأجهزة أخرى بتشكيل قوائم متضاربة، وليس قائمة واحدة (حب مصر) مثلما يظن البعض ؟!، وأجهزة أخرى تدفع مجموعات لتشكيل أحزاب شبابية وحركات !!.
وفى هذا المناخ فوجئنا بظهورحركات وحملات لتغطية الفجوة السياسية ما بين الأداء الحزبى والحكومى مثل حملة «البداية»، والتى دعت إلى توحيد الحركات السياسية واستكمال أهداف الثورة، وكأنها تعيد إنتاج فشل حركة «تمرد» التى مزقتها خلافات أجنحتها التى توزعت بين «الموالاة» لأكثر من طرف فى السلطة، كل ذلك دعا وزير الصناعة والقطب الوفدى منير فخرى عبد النور إلى الدعوة لتأسيس حزب للرئيس.
يحدث ذلك فى ذات الوقت تنشط جماعة الإخوان المسلمين بشكل نوعى فى تصريحاتها بالاعتراف بخطأ المسار الإصلاحى لها بعد الثورة، وكذلك تطورهم فى استخدام الجيل الرابع للحروب وهى حرب الشائعات حول إرسال مصر قوات برية لليمن وللأسف روجت لذلك أوساط محسوبة على 30 يونيو بعد أن ابتلعت «الطعم الإخوانى»، واضطر المتحدث العسكرى إلى تكذيب ذلك، أو اتهام أوساط الإخوان للحكومة فى تلويث البيئة، والمياه الأمر الذى يربك الإعلام والحكومة والناس.

المعارضة الفضائية مع مَنْ؟ وضد مَنْ؟
فى ظاهرة لا تحتاج إلى اجتهاد نجد أغلب الأوساط الإعلامية والإعلاميين الذين يتصدرون المشهد ينتقلون بوعى أو بدون وعى إلى المعارضة، ومن الملاحظ على سبيل المثال أنه بعد أن أصدرت حركة 6 إبريل بيانًا أدانت فيه الأجهزة الأمنية تزامن هذا البيان مع حملة تشنها «المصرى اليوم» ضد تجاوزات الداخلية، والغريب أن البواية نيوز والأهرام المحسوبين على أوساط بعينها من أجهزة الدولة يستكملون هذه االحملة ضد وزارة الداخلية، هل يعود ذلك إلى صراعات بين الأجهزة الامنية ؟ أم أن هناك جماعات ضغط تسعى للتغيير عبر الإعلام ؟ على غرار ماحدث قبل 25 يناير؟ أم أن هناك قوى سياسية تفسح الطريق لإنهاء شهر العسل بين السيسى وبينها ؟ وتحاول «كسر الهيبة» لعدم تجاوبه مع تطلعاتها نحو السلطة، أو فرض طموحها الشخصى والسياسى عليه، الأمر الذى دعاه للقول «أنا لاقائد ولا زعيم أنا واحد منكم.... والشعب هو اللى عمل كل حاجة».
هكذا يبدو جليًا للعيان أن كثيرين من النخب التى ساهمت فى حملته الانتخابية تبحث عن المقابل.. الأمر الذى يرفضه الرئيس ويتقرب إلى الشباب ورجال الأعمال.. الأمر الذى يزعج أغلب تلك النخب «السيساوية التقليدية».. نخب ما قبل 25 يناير، ولا شك أن الرئيس لايستعين بأحد إلا لمهمة واحدة إذا انتهت انتهى العمر الافتراضى للشخص أو المؤسسة على الطريقة «الأمريكية أو الساداتية» والعاقل من يتعظ أو يدرك، كما أن الرئيس السيسى لديه رؤية متقدمة عن تلك النخب بعشرات الأعوام.
لذلك تمارس تلك النخب خاصة الإعلامية منها «حيل قديمة» (المعارضة حتى يقربنا الرئيس أو مؤسسته له من جديد) خاصة بعدما ردت الرئاسة على مقال د. محمد أبو الغار فى مصر اليوم، ولكن فاتهم أن د. أبو الغار ليس سياسيًا تقليديًا ولا «أعلمجى» يبحث عن دور.. بقدر ما يكتب على سجيته وما يمليه عليه ضميرة الشخصى وليس حتى الحزبى.

مولد وصاحبه غايب
على الجانب الآخر من المشهد يصل التخبط مداه بالتصريحات المتضاربة لأعضاء موقرين فى اللجنة العليا للانتخابات من جهة ولجنة تعديل القانون من جهة أخرى، الرئيس يعطى تعليماته بالانتهاء من تعديل القانون فى شهر، تتباطأ اللجنة، وتعقد الحكومة حوارات لاتأخذ بها، ونرى «ترزية أمنيين» مشهورين يعودون للمشهد، وتتضارب مصالح هؤلاء حتى يرغم الجميع على تأجيل الانتخابات.. لكى تستعد أوساط بعينها لاستعادة هيبتها، ويبلع بعض قادة الأحزاب «الطُعم»، بعد إقناعهم على أن التأجيل لصالحهم، وعلى العكس فالتأجيل فرصة من قبل البعض لتفكيك القوى والروابط الانتخابية للقوى المستعدة والمؤهلة لخوض المعركة، ويستمر الهجوم على الأحزاب لإضعافها.. وتخرج علينا قنوات وإعلاميو النظام المباركى بأحاديث لمبارك، وتدور صراعات واضحة ضد أحزاب ما بعد 30 يونيو.. وللأسف أعطت هذه الأحزاب ظهرها للحداثة والمقرطة على حساب تمكينها من السلطة الأمر الذى قد يفقدها كليهما، وتطل علينا برأسها عودة الحركات والأحزاب والائتلافات دون مراجعة أخطاء من سبقوها لتعيد إنتاج الفشل، ويسرع آخرون بمحاولة إنقاذ أحزاب الشباب التى يسودها الانشقاقات لأنها ولدت «قيصريًا» من رحم السلطة، وتموت السياسة وتفقد معظم الأحزاب الرؤية، وتتحول المعركة الانتخابية إلى مولد وصاحبة غايب.

ياوطن قولى رايح على فين ؟
على الجانب الآخر تشغل أوساط إعلامية بعينها «الظهير الاجتماعى « للسيسى بأزمات حقيقية أو مفتعلة، وتهيأ المناخ لسحب قطاعات من ذلك الظهير الاجتماعى لحلف 30 يونيو لصالح قوى تقليدية وقبلية ترتدى «قميصًا ثوريًا أو تقدميًا»، وتحاول ارباك المشهد من أجل تفكيك القوى الاجتماعية المؤازرة لأحزاب 30 يونيو، حتى تشكل لنفسها أغلبية فى المجلس النيابى من قوى اجتماعية بعينها رغم توزعها على سبعة أحزاب (خمسة أحزاب تقليدية وحزبين ليبراليين) وللأسف قام بعض كبار موظفى الدول الحاليين والسابقين بإعطاء قبلة الحياة تشريعيًا وسياسيًا وماليًا لقوى اجتماعية بعد أن ركبت «حصان 30 يونيو» وأوهمت قوى الحداثة الليبرالية بتمكينها من نصيب فى الكعكة، وتجرع هؤلاء الكأس فى نشوة وحسن نية !!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف