سليمان جودة
جيهان السادات لا تزال تستطيع.. ولكن نقول لمنَْ؟!
قبل أسابيع، أصدر الدكتور زاهى حواس كتابه الجديد تحت عنوان «40 سنة حفائر» ولم يجد الدكتور حواس، مَنْ هو أفضل من السيدة جيهان السادات، حين فتش عن أحد يهديه كتابه، فأهداه إليها بكلمات موحية جعلها فى صدر أولى الصفحات!
ورغم أن السيدة جيهان، بعيدة تمامًا، عن موضوع الكتاب، بحكم حتى تخصصها فى الآداب التى حصلت فيها على الدكتوراه من جامعة القاهرة، إلا أن صاحبه وجدها جديرة بأن يذهب إليها إهداء كتابه، وأكثر!
ورغم مرور 35 عامًا على استشهاد الرئيس الراحل أنور السادات، إلا أن امرأته لا تزال مع مرور كل هذه السنين، تحتفظ بالألق نفسه الذى صاحبها، وقت وجود السادات العظيم فى الحكم، ثم دام معها إلى اليوم، دون أن تفقد منه شيئًا، بل إنها فى أحيان كثيرة، تبدو وكأن السادات لا يزال فى الحكم، من حيث ولع الإعلام بها، ومن حيث قدرتها على أن تكون موضع اهتمامه دائمًا، ومن حيث قدرتها على مخاطبته، ومن حيث قدرتها على أن تعرف متى بالضبط، تتكلم، ومتى تسكت، ومتى تقول هذا الكلام، أو ذاك، ومتى لا تقوله.
وفى هذا الباب، فإننا لا ننسى ما حدث يوم أن حضرت هى احتفال مصر بالألفية الحالية، عند سفح الهرم، فى 31 ديسمبر عام 2000.
وقتها، حضرت الحفل العالمى، إلى جوار الرئيس الأسبق مبارك، وإلى جوار زوجته السيدة سوزان مبارك، وعندما فكرت صحف الدولة فى نشر الصور، فى اليوم التالى، فإنها حذفت صورة جيهان السادات، من إطار الصورة، وكان ذلك غريبًا جدًا، بل كان شيئًا شاذًا، وكان، فوق هذا كله، دليلًا على أن السيدة التى كان زوجها فى الحكم، قد خشيت أن تخطف السيدة التى لم يعد زوجها فى الحكم، أضواء الكاميرا.. ولا أحد يعرف ما إذا كانت السيدة سوزان مبارك، هى التى خشيت ذلك وقتها، أم أن الذى خاف هو «رابطة الدبة التى قتلت صاحبها» على حد تعبير زميلنا الفنان المبدع عمرو سليم، فى كاريكاتيره اليومى فى «المصرى اليوم».. لا نعرف أى الطرفين على وجه التحديد، هو الذى خاف، غير أن ما نعرفه، وما رأيناه بأعيننا، فى حينه، أن حضورها رغم مرور 19 عامًا وقتها على رحيل السادات، كان قويًا، وكان من القوة التى لم يستطع معها أهل الحكم، أو المتحمسون لأهل الحكم، أن يحتملوه!
وفى أعقاب ثورة 30 يونيو، وعندما كانت الهجمة الإخوانية الغبية على البلد وأهله، فى ذروتها، فإننى دعوت الدولة والذين يعنيهم الأمر فيها، إلى أن «يوظفوا» جيهان السادات لصالحنا، فى الكلام مع الغرب، عما يفعله الإخوان وأتباعهم فى مصر.. ولم يكن الغرض من دعوتى إلى «توظيفها» هو أن تمنحها الدولة منصبًا فيها مثلًا، ولا أن تضعها على رأس أى مؤسسة من مؤسساتها طبعًا، ولا.. ولا.. إلى آخر ما قد يطوف فى الذهن فى هذا المقام.. وإنما كان القصد أنها سيدة ذات مصداقية عالية فى الولايات المتحدة، خصوصًا وفى الغرب عمومًا ولأنها ذات مصداقية، فإن كلامها مع الناس هناك، يصبح محل ثقة كبيرة، وهذا تحديدًا، هو ما كنا نريده، ولا نزال نريده.
ونحن لا نزال نريده، لأننا حين نطلبه لا نبتدع، وإنا نطلبه جريًا على ما يجرى فى بلاد العالم الناهضة كلها، ويكفى فى هذا الإطار، أن نراقب حركة الرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون، والرئيس السابق عليه جيمى كارتر، ومعهما السيدة مادلين أولبرايت، وزير الخارجية السابقة.. فكلهم.. كلهم وغيرهم.. يجرى «توظيفهم» بالمعنى الذى أشرت إليه، من أجل أن يكونوا فى خدمة سياسة وأهداف بلادهم العليا، حول العالم!
وقد كانت جيهان السادات، لو قامت بجولة فى الولايات المتحدة، ثم أوروبا، ثم خاطبت الرأى العام عندهم، قادرة جدًا على أن تشرح لقطاعات الرأى العام الأمريكى والأوروبى، ما قد يكون قد غاب عنه، مما يحدث داخل بلدنا، منذ 30 يونيو، وإلى اليوم.. وحين تقوم بمثل هذا الدور، فإنها سوف تجعل من الرأى العام، فى تلك الدول، أداة قوية للضغط على حكوماتها، فيما يخصنا.
كانت جيهان السادات قادرة، ولا تزال، ولكن نقول لمَنْ؟!