الأخبار
صبرى غنيم
فقر وعنطزة .. المفلسون أشعلوا أسعار السيارات
عجبي أن يزحف انفلات الأسعار إلي جميع ماركات السيارات.. فكلما ارتفع سعر الدولار سجلت أسعار السيارات ارتفاعا.. ورغم الزيادات الجنونية التي ترتفع مثل الصاروخ تجد الإقبال عليها في معارض السيارات لا يتوقف.. وللأسف المشترون لها هم المفلسون الذين لا يملكون ثمن السيارة نقدا فيتجهون إلي التقسيط ولذلك تجد لكل بنك مندوبا مقيما في كل معرض، ومش مهم أن تكون السيارة محملة بالزيادات أو ملغمة بالفوائد المركبة.. وتبقي مديونا ما يقرب من خمس سنوات تدفع فيها دم قلبك في سيارة بالتقسيط.
سألت صديق لي وهو صاحب أكبر معرض لتوزيع السيارات وهذا الرجل له مكانة في نفسي لأنه أحد الذين اختصهم الله بالنورانية التي تشع في وجهه ولذلك تجد علاقته شفافة في تعاملاته مع الآخرين.. قلت له الذي أعرفه أن أي زيادة علي أسعار السيارات المفروض أن تطبق علي السيارات الجديدة والتي يتم الإفراج عنها بسعر دولار اليوم.. لكن أن تطبق علي السيارات التي في مخازن التوكيلات والمعارض هذا هو اللامعقول واللامقبول..
قال لي لا تعتقد أنني سعيد بهذا الإقبال علي شراء السيارات في وقت رئيس البلد الرئيس السيسي بيطالبنا بترشيد استهلاكنا والحق معه.. فأنا عن نفسي حزين لأننا نفتقد الوعي الاستهلاكي، مع أن شخصا آخر في مكاني يسعد بحركة البيع لكن إذا سألتني أقول لك بلدنا أولا.. فالرئيس السيسي يطالبنا بأن نمد أيدينا في يده لكي نخرج من هذه الأزمة.. فنحن المصريين سبب هذه الأزمات.. والمصيبة كلما زادت الأسعار زادت معها القدرة الشرائية عند الناس.. أما عن زيادة أسعار السيارات فنحن مثل بقية الأسواق كلما وجدت السوق إقبالا تحركت الأسعار ويوم يعكف الناس عن الشراء لن تتحرك الأسعار.. وأنا بدوري كموزع اشتري بالسعر المعلن وهذا عرف معمول به ولا يمثل جشعاً أو استغلالاً.
والتقي عنده بأحد العملاء.. كان قد دفع مبلغا محدودا كمقدم سيارة لابنته علي أمل أن يسدد القيمة بالكامل بعد أسبوع بعد كسر وديعة لها في البنك.. وكان قد اتفق معه علي شراء السيارة نقدا بـ ٢٥٠ ألف جنيه مع أن سعرها المعلن هو ٢٥٤ ألف جنيه.. ووعده بأنه سيكون ملتزما بالتخفيض إن لم يتغير السعر وعند زيادة السعر سيلتزم المشتري بسعرها بدون تخفيض.. وفجأة تحرك السعر ووصل في أسبوع إلي ٢٦٢ ألف جنيه والمشتري خسر ما يقرب من ١٥ ألف جنيه مقابل كسر الوديعة.. فكان إنسانا تنازل عن ألفي جنيه وباعها له بـ ٢٥٢ ألف جنيه في حين أنها تباع خارج معرضه بـ ٢٦٢ ألف جنيه.. فعلا الالتزام الأخلاقي عند الرجال أقوي من الأرقام.. ومن النادر أن تجد في هذا الزمن الردئ أخلاق رجل عظيم مثل هذا الرجل التزم بكلمته رغم أن سعر السيارة في السوق اليوم وصل إلي ٢٧٠ ألف جنيه.. والمصيبة الذين رفعوا من قيمتها هم المفلسون الذين يشترون السيارات بشيكات أو كمبيالات بغرض استثمارها وهؤلاء أقول لهم اقرأوا هذه القصة جيدا.. فصاحبتها لاتزال علي قيد الحياة..
هي كانت موظفة في قسم الاستقبال بفندق » كونراد »‬ متزوجة وأم لطفلين في مدارس لغات.. أرادت أن تحسن دخلها لتغطي مصاريف تعليم الأولاد.. فاشترت سيارتين بالتقسيط علي أمل تأجيرهما لنزلاء الفندق بنظام الساعة، في الشهور الأولي كانت سعيدة تدفع الأقساط وتستفيد بالفروق، ثم كان حظها الهباب إذ انضربت السياحة وتراكمت مديونية الشيكات وأصبحت مهددة بالسجن.. نشرت قصتها قرأتها سيدة فاضلة فتبرعت بسداد جميع شيكات البنك حفاظا علي مستقبل الأطفال.. أما هي فقد خسرت وظيفتها.
لذلك أنصح كل من يفكر في مشروع استثماري بسيارة بالتقسيط.. أن يتمهل ويدرس جيدا قبل أن يدخل المصيدة برجليه.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف