المصرى اليوم
احمد الشامى
من هنا تبدأ .. «الحكومة الجديدة»
بدأت تلوح في الأفق بوادر تعديل وزاري على حكومة المهندس شريف إسماعيل، الذي شهد عهده زلزالاً اقتصادياً من العيار الثقيل سيكون مؤثراً في حياة المصريين لسنوات مقبلة، وهو تحرير سعر الصرف أو ما يعرف بـ «تعويم الجنيه» أمام العملات الأجنبية، والذي أدى إلى ارتفاع الأسعار، وإذا كان البعض يرى أن هذا القرار سياسي بامتياز إلا أنه كان يتعين على الحكومة أن تخفف من آثاره على الشعب «وهذا عملها» خصوصاً أنه أشبه بعملية جراحية أجريت لمريض «بدون بنج»، وذلك من خلال الاستعداد لتنفيذه عن طريق توفير السلع وتشديد الرقابة على الأسواق، ورغم اتفاقنا جميعاً على أن إتخاذ هذا الإجراء كان المخرج الوحيد لحل المشكلات الاقتصادية التي تعصف ببلدنا والتي أصبحت عصية على الحل، إلا أن تفهم المواطنين لأهميته أسهم إلى حد كبير في التخفيف من سلبياته، وأرى أن «من هنا تبدأ الحكومة الجديدة» التي بات الشعب ينتظرها بغارغ الصبر بعد أن بدأت ملامحها تتشكل بالحديث عن تغيير ما يزيد على 10 وزراء، إذ يتعين عليها أن تكون صاحبة رؤية للتخلص من الهزات التي نجمت عن «تعويم الجنيه»، والأهم من ذلك إسراع الخطى في اتخاذ قرارات تنموية تشجع على تدفق السياحة والاستثمار وفي الوقت نفسه أن تضع برنامجاً لوقف الانفجار السكاني الذي بات يلتهم كل مشروعات التطوير والتحديث، وذلك عن طريق زيادة الحوافز للأسر الأصغر عدداً في التعليم والتأمين الصحى.
وإذا تحدثنا عن «الوزارة القديمة» سنجد أن هناك العديد من الوزراء الذين كتبوا أسماءهم بحروف من ذهب في قلوب المصريين بسبب إخلاصهم وتفانيهم وحبهم لوطنهم، ويأتي في مقدمتهم، الفريق أول صدقى صبحى، القائد العام للقوات المسلحة، وزير الدفاع والإنتاج الحربى، الذي حمل أمانة الحفاظ على الجيش في أصعب اللحظات، وحرص على تنفيذ توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة، بتطوير القوات ورفع كفاءتها، فضلاً عن المشاركة في التنمية، وأصبح الجيش بحق يحتل مراكز متقدمة من حيث القوة والاستعداد القتالي في تصنيفات مراكز الأبحاث العالمية، وأيضاً اللواء مجدي عبدالغفار، وزير الداخلية، الذي بذل مجهوداً كبيراً لضبط الأمن ودحر الإرهاب ويكفيه فخراً كشف منفذي الهجوم على الكنيسة البطرسية خلال ساعات، فضلاً عن القبض على مفجرى كمين شارع الهرم وضبط عشرات القضايا الإرهابية وآلاف القضايا المدنية في وقت التحولات الاقتصادية، ويعتبر الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة من أهم الوزراء الذين عملوا في الوزارة التي تستعد للرحيل، فقد اعتمد عليه الرئيس في إنهاء أزمة انقطاع التيار، ولذا وصفه بـ «العالمي» خلال أحد حواراته، كما أنهى «شاكر» مباحثات إنشاء محطة الضبعة للطاقة النووية مع روسيا تمهيدًا لتوقيع العقود النهائية للإنشاء، فضلاً عن اعتماد الضوابط الجديدة الخاصة بتركيب العدادات الكودية للمنشآت والعقارات التي تحصل على التيار الكهربائي بوسيلة غير قانونية، ومواصلة العمل على تحصيل مستحقات الدولة ومكافحة عمليات سرقة التيار.

ويجيء الدكتورمصطفى مدبولي، وزير الإسكان، في مقدمة الوزراء الذين تركوا بصمة في الوزارة الحالية وهو الذي شهد عهده تنفيذ تكليفات الرئيس ببناء آلاف الوحدات السكنية في جميع المحافظات، وقاد «مدبولي» وزارته بمشاركة الهيئة الهندسية للقوات المسلحة في تنفيذ العديد من مشروعات الإسكان، خاصة مع فتح باب الحجز في أكبر طرح لوحدات الإسكان الاجتماعي تشهده مصر، وإجمالي الوحدات المخطط تنفيذها حتى منتصف العام الجاري والتي تقدر بنحو 656 ألف وحدة سكنية، ويرى الرئيس أن «مدبولي» غيّر مفاهيم الإسكان الاجتماعي في مصر، خصوصاً من ناحية تشطيبها وفقًا لأعلى معايير الجودة، بجانب تنفيذ أعمال البنية الأساسية، وانطلاق البناء في الحي السكني بالعاصمة الإدارية الجديدة التي ستغير التوزيع السكاني في مصر، كما يعمل وزير الإسكان على تنفيذ تكليفات تطوير العشوائيات غير الآمنة وتوفير مساكن بديلة لسكانها الذين يبلغون 850 ألف نسمة، حيث من المنتظر الانتهاء من تطوير جميع العشوائيات غير الآمنة خلال عامين، وهناك وزراء قدموا الكثير من الجهود خلال فترة عملهم من بينهم سامح شكري، وزير الخارجية، ومحمد العصار، وزير الانتاج الحربي، وياسر القاضى وزير الاتصالات، وسحر نصر وزيرة التعاون الدولي، ونبيلة مكرم وزيرة الدولة للهجرة، وغادة والي، وزيرة التضامن، وآخرون لم يقنعوا المواطنين بآدائهم خلال الفترة الماضية خصوصاً الذين تتعامل وزراتهم بشكل مباشر مع الجمهور، وقد يكون ذلك لأسباب خارجة عن إرادتهم.

ويقيني أن أول اجتماع للوزارة الجديدة لابد أن يناقش أساليب التخلص من الاّثار الاقتصادية لـ «تعويم» الجنية وتخفيف الأعباء عن المواطنين فضلاً عن وضع استراتيجية لعمل الوزارة الجديدة خلال الفترة المقبلة التي تحتاج إلى رؤى جديدة في كافة المجالات، لأن الناس لا تحتاج إلى وجوه جديدة بقدر ما تتطلع إلى سياسات مبتكرة في الاقتصاد والتعليم والصحة والصناعة والاستثمار وجذب رؤوس الأموال من الخارج لأن التحديات التي تواجه الدولة كبيرة، خصوصاً الحرب على الإرهاب وارتفاع الأسعار، ولذا نحتاج إلى أعلى مستوى من الفكر في مجال الاستثمار والسياحة للنهوض بالاقتصاد، فعبور الأزمة الاقتصادية يتطلب مزيداً من الجهد من جانب الوزراء الذين يتعين أن يتسموا بالخبرة السياسية والقدرة على إقناع المواطنين بما يتخذونه من قرارات وألا يتركوا الرئيس يعمل بمفرده وهذا يتطلب تمتعهم بخبرات كثيرة لمواجهة التحديات التي تحاصر البلاد.

ومن الشخصيات التي عملت بتفانٍ من خارج الوزارة وأحبها الناس، الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس، واللواء أركان حرب كامل الوزير، رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، الذي لم يعد هناك مشروع في مصر خصوصاً في مجالات الطرق والإسكان واستصلاح الأراضى دون أن يحمل بصمته، وأصدقكم القول أن الوقت حان ليشعر المواطنون بالتغيير إلى الأفضل بعد أن تحملوا الكثير خلال السنوات الماضية خصوصاً بعد اندلاع ثورتي 25 يناير

و30 يونيو، بسبب جرائم تنظيم الإخوان الإرهابية التي أضاعت على مصر الكثير من الفرص، ويتعين على الحكومة بعد التعديل تحقيق إنجازات ملموسة على كل الأصعدة يشعر بها المواطنون خصوصاً ما يرتبط بحياتهم بشكل مباشر، مثل التعليم والصحة والتموين والسياحة، خصوصاً أن مجلة «الإيكونوميست» الاقتصادية العالمية نشرت تقريراً عن أفضل 12 وجهة استثمارية في العالم خلال العام الجديد، ووضعت مصر ضمن القائمة، وقال سايمون بابتيست، كبير الاقتصاديين بالمجلة، إنَّ ارتفاع جاذبية مصر الاستثمارية يعود إلى إصدار البنك المركزي المصري قراراً بتحرير سعر الصرف، مشيراً إلى اعتقاده بأن الأسواق تجاوزت حالة التقلبات التي أعقبت اتخاذ القرار، وأنه يتوقع تحسن أداء الجنيه خلال 2017 ليرتفع بنسبة تصل إلى 14%.، فإذا كان العالم ينظر إلينا على أننا من أفضل الوجهات الاقتصادية في العالم فماذا نحن فاعلون لاستغلال هذا التصنيف؟، هل نقف نتفرج، أم يكون لدينا وزراء يسعون إلى تهيئة الأجواء لاستقبال استثمارات جديدة وتقديم كافة التسهيلات لرجال الأعمال والشركات القادمة من الخارج؟.

وقد استقبل المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، عددًا كبيرًا من المرشحين للحقائب الوزارية، بناء على تكليفات من القيادة السياسية، ومن المرجح استبعاد ما يزيد على 10 وزراء غالبيتهم في الوزرات الخدمية والمجموعة الاقتصادية، وستعرض هذه الأسماء المرشحة على الرئيس لاختيار الأصلح من بينها بناء على تقارير من الجهات المعنية والأجهزة الرقابية، والتغيير المنتظر الذي سيكون خلال الأسابيع المقبلة، لا يعتمد في تنفيذه على التقارير الورقية، بل أن هناك وزراء كما ذكرت أصبح لديهم رصيد من الإنجازات كبير على الأرض يؤهلهم للبقاء خلال الفترة المقبلة، لكن من سيتم الاستغناء عنهم أصبحوا محددين لدى القيادة السياسية لكن لن يتم الإعلان عنهم إلا قبل ساعات من تنفيذ التعديل الذي ربما يشمل وزراء التربية والتعليم، والصحة، والسياحة، والرى، والتعليم العالى، والبيئة، والآثار، والثقافة، وعدد من وزراء المجموعة الاقتصادية.

وفي الوقت الذي تسعى فيه الدولة للبناء في أسرع وقت ممكن، اشتعلت الصراعات داخل الاخوان على قيادة الجماعة للاستيلاء على مقراتها وأموالها في الداخل والخارج، إذ أوقفت جبهة محمود عزت، القائم بأعمال المرشد،عضوية عدد كبير من قياداتها الداعين إلى العنف في مقدمتهم أحمد عبدالرحمن، رئيس المكتب الإدارى للإخوان في الخارج، ومجدى شلش عضو اللجنة الإدارية العليا للإخوان، إذ دعا الأول عبر قناة الجزيرة، شباب الجماعة إلى «العمل المسلح»، بينما قال الثاني بعد مقتل محمد كمال، مسؤول اللجان النوعية داخل الجماعة، عبر إحدى القنوات التابعة للجماعة في تركيا: «نستهدف السيطرة على الدولة، وخططنا لاغتيال داعمى 30 يونيو»، كما حرض شباب الجماعة على حمل السلاح، قائلا: «لا بد من حمل السلاح لإعادة مرسى ونساء الجماعة، هددونا بعدم الطاعة لو تراجعنا عن العنف»، ويبدو من هذا الكلام المعلن عبر القنوات الفضائية أن «نساء الجماعة» هن من يتحكمن في مصيرالجماعة ويصدرن القرارات وعلى الرجال السمع والطاعة، وإلا ما قال «شلش» أن نساء الجماعة لن يطعن الرجال في حال عدم حمل السلاح، في الوقت الذي تسعى فيه «جبهة عزت»، إلى تقديم نفسها لأوروبا والقيادة الأمريكية الجديدة على الأقل من الناحية الشكلية أنها تنبذ العنف، وتطيح بمن يدعو إلى حمل السلاح، فيما تحمل هذه القرارات في مضمونها محاولات التخلص من مؤيدى جبة «محمد كمال» التي تتصارع مع عزت على قيادة الجماعة للاستيلاء على أموالها.

وفي ظل الصراعات داخل الإخوان، ظهر في الأفق صراع «الإرهابيين العالميين» بسبب المعزول محمد مرسى، إذ اتهم أبوبكر البغدادى زعيم تنظيم داعش، زعيم «القاعدة» بأنه كان راضياً عن أداء محمد مرسى في حكم مصر، ليكذبه أيمن الظوهرى عبر بيان، ويهاجم تنظيم داعش وقائده، وتالياً يتسبب مرسى في اندلاع صراع بين أكبر إرهابيين في العالم، وأكد الظواهري أن حديث البغددي عن أنه كان يؤيد المعزول غير صحيح، ويعترف الظواهري بأن داعش يقاتل من من يعادى أمريكا قائلا: «كأن رضا أمريكا هو المقصد أو طريق النصر في الجهاد، وكأن القاعدة صارت مجرمة لأنها تعادي أمريكا وأعوانها الفاسدين في ديارنا»، وتابع الظواهري مهاجماً داعش: «إن شخصية الحجاج بن يوسف الثقفي هي القدوة لدى»متقاعدي ضباط جيش صدام واستخباراته الذين عقدوا الخلافة لإبراهيم البدري، والذي كان يقتل من لا يشهد على نفسه بالكفر من خصومه في الكوفة، كما أن معتقدات داعش وأفعاله هي «اجتهادات، وليست وحياً منزلاً»، ومن خلال اعترافات الظواهرى يتأكد للجميع أن تنظيم داعش صناعة صهيونية، ويستهدف المسلمين فقط، على الرغم من أن المخابرات العالمية هي من صنعت داعش والقاعدة، ليكونا أداة في يديها لتنفيذ مخططاتها في منطقة الشرق الأوسط على الرغم من ادعائها بمحاربة الإرهاب، وحديث الظواهري يؤكد أن «القاعدة» لم يعد لها وجود بعد أن ابتلعه داعش بأمواله والدعم الذي يلقاه من كثير من الدول.

ومن وقت لآخر تظهر تجليات الدكتور محمد البرادعي، الرئيس السابق لهيئة الطاقة الذرية الذي يدعى الحرص على الفضيلة والديمقراطية، إذ تضمنت تسجيلات أذاعتها إحدى القنوات التليفزيونية لعدد من المكالمات المسجلة له مع بعض الشخصيات، عقب ثورة 25 يناير، بعض الألفاظ الخارجة ضد شخصيات عامة، وجاء رد البرادعي في تدوينة له عبر «تويتر» قائلاً «تسجيل وتحريف وبث المكالمات الشخصية إنجاز فاشي مبهر للعالم، أشفق عليك يا وطني»، وكالعادة يعطى البرادعى لنفسه الحق في إلصاق التهم بالناس وتمجيد ذاته، أما أن يظهره آخر على حقيقته ففى هذا الحالة يكون «فاشى».

وإذا كانت الجهود تتم على قدم وساق لتعديل وزاري لرفع كفاءة الحكومة، فإن الرئيس عبدالفتاح السيسي، يسابق الزمن من أجل تدشين المزيد من مشروعات التنمية التي تهدف إلى شعور المواطنين بالتحسن في مستوى معيشتهم، ولذا افتتح أعمال تطوير ميناء سفاجا البحرى، والتي تكلفت 510 ملايين جنيه، والتي شملت المرحلة الأولى منه، إنشاء محطة ركاب بطاقة استيعابية 1.3 مليون راكب سنوياً، فيما تضمنت المرحلة الثانية إنشاء محطة للشاحنات بطاقة استيعابية 40 ألف شاحنة سنوياً، فيما شملت المرحلة الثالثة انشاء محطة للتربتيك بطاقة استيعابية 30 الف سيارة سنويا، وأنشأت هيئة موانئ البحر الأحمر كوبرى للمسافرين بطول حوالى 500 متر طولى للربط بين محطة الركاب الجديدة ورصيف الميناء مغطى ومجهز بالسيور المتحركة والسلالم الكهربائية وسلالم الطوارئ، ولا تتوقف جهود الرئيس عن توجيه التكليفات للمهندس شريف إسماعيل، لتحسين مستوى المعيشة للمواطنين، بل إنه يقود بنفسه فريق عمل من أجل تحقيق التنمية في أسرع وقت ممكن، فجاء اجتماع الرئيس الأخير مع رئيس الوزراء والذي حضره طارق عامر محافظ البنك المركزي، ووزراء الدفاع والإنتاج الحربى، والخارجية، والداخلية، والمالية، إضافة إلى رئيسي المخابرات العامة، وهيئة الرقابة الإدارية، في هذا الاتجاه، لدفع الاقتصاد خلال العام الجاري، بعد أن أكدت تقارير دولية أن الاقتصاد المصري مؤهل للانطلاق خلال عام 2017، خصوصاً في مجالات السياحة والاستثمار وتحسن قيمة الجنيه بعد التعويم، نتيجة ارتفاع احتياطى الدولة من النقد الأجنبى، وانخفاض عجز الميزان التجارى، وكل ذلك يهدف إلى جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، بما ينعكس بالتحسن على مستوى معيشة المواطنين.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف