مصطفى هدهود
المستغلون والمظلومون من تعويم الجنيه
بعد دراسات مستفيضة طوال عام 2016 بواسطة البنك المركزي المصري والمجموعة الاقتصادية بمجلس الوزراء وعلي ضوء النقص المستمر في ايرادات الدولة السنوية منذ عام 2011 وحتي الآن من العملات الأجنبية والارتفاع المستمر في قيمة الواردات السنوية والتي زادت علي 70 مليار دولار خلال عام 2016 وثبات قيمة الصادرات غير البترولية. وزيادة الفرق بين السعر المصرفي الرسمي وسعر السوق السوداء لقيمة العملات الأجنبية. اتخذت الدولة قرارات مالية عديدة أهمها تعويم قيمة الجنيه المصري وترك تحديد قيمته بواسطة البنوك طبقاً للعرض والطلب وعدم تدخل البنك المركزي المصرفي في تحديد سعر صرف العملات الأجنبية.
وتهدف سياسة التعويم للجنيه المصري علي تثبيت سعر الصرف للعملات الأجنبية داخل السوق المصرفي الرسمي وخارجه كوسيلة لتشجيع وجذب الاستثمارات الأجنبية والمصرية في المجال الصناعي والزراعي والخدماتي والعقارات. وتشجيع المصانع الانتاجية المصرية علي التصدير للأسواق الافريقية والأسيوية وكذلك الأوروبية. وزيادة مبيعات الشركات الانتاجية المصرية داخل السوق المصري. ومنافسة المنتجات المستوردة من الخارج خاصة من الصين وتايوان ودول الشرق الأقصي.
وفي اطار الحد من الاستيراد الخارجي قامت الدولة برفع قيمة الجمارك علي العديد من المنتجات المستوردة غير الضرورية أو التي يمكن إنتاج مثيل لها محلياً.
وكان الهدف الأول من كل هذه الاجراءات المالية والاقتصادية زيادة الطاقات الانتاجية للمصانع المصرية والاستغلال الأقصي لخطوط الانتاج المصرية في جميع الصناعات واستيعاب فرص عمل جديدة مما يساعد علي الحد من البطالة وزيادة فرص التصدير للمنتج المصري مما يساعد علي زيادة حصيلة العملات الأجنبية للدولة والمصريين.
ولكن للأسف استغل كل المصنعين المحليين زيادة سعر صرف العملات الأجنبية مقابل الجنيه المصري وكذلك رفع قيمة الجمارك علي بعض الواردات لزيادة العائد المالي المحقق لهم دون النظر لمصلحة المواطن المستخدم النهائي للسلع المنتجة محلياً. وقام معظم المصنعين بل كلهم بزيادة قيمة المنتج المحلي الزراعي والصناعي اعتماداً علي مقارنة سعر المنتج بسعر المثيل المستورد محسوباً بالسعر العالي للعملات الأجنبية والجمارك المتزايدة. وتمت الزيادات بأسلوب عشوائي ودون تدقيق نسبة الزيادة في قيمة بعض مكونات المنتجات المصنعة محلياً والمستوردة من الخارج وتأثيرها علي سعر المنتج النهائي.
بل للأسف قامت عده قطاعات صناعية بزيادة سعر المنتج المحلي غير المعتمد علي مكونات أجنبية نهائياً ويعتمد علي خامات أولية محلية.
ونري قيام بعض القطاعات الصناعية التي تقوم بتصدير نسبة كبيرة من انتاجها للسوق الخارجي وبالدولار بمحاولة رفع سعر بيع المنتج للسوق المحلي لكي يتساوي مع سعر التصدير مع حساب الدولار بسعر الصرف الحالي. ونري أن ذلك يمثل قمة الاستغلال والاستفادة غير المبررة من المصنعين والمنتجين المحليين وذات تأثير سلبي وسيئ علي قدرات المواطن المصري.
ولذلك نناشد السادة رجال الأعمال والمصنعين والمستوردين بالتحلي بالمبادئ الدينية والسماوية والبشرية وعدم استغلال الموقف الحالي للحصول علي مكاسب تتعدي نسبة 100% من قيمة التكلفة.
ولقد أدي تعويم قيمة الجنيه المصري ومطالبات كل الفئات الصناعية والانتاجية والتجارية إلي زيادة أسعار منتجاتهم والتي تؤثر علي سعر المنتج النهائي بأسلوب متتال إلي حصول المستخدم الرئيسي للمنتج المحلي أو المستورد بأسعار مضاعفة أو ثلاثة أمثال أسعار أوائل عام 2016.
لقد قامت الدولة بتصحيح أوضاع المزارعين والفلاحين وأصحاب الاراضي الزراعية من خلال زيادة أسعار توريد الحاصلات الاستراتيجية والتي ستنعكس أيضا علي كل أسعار المنتجات الزراعية الأخري شاملاً الخضروات والفواكه ولقد تم زيادة سعر توريد طن قصب السكر ومن المخطط زيادة اسعار توريد الأرز والقمح والقطن والبقوليات بنسبة تصل لحوالي 30% ومن المخطط زيادة اسعار الأدوية بنسبة 15% والمستورد بنسبة 20% وفي مجال مواد البناء والتشييد قام أصحاب المصانع بزيادة اسعار حديد التسليح بحوالي 75% والاسمنت والطوب والرمل وأجرة عامل البناء في جميع التخصصات مما يؤثر سلبياً علي تكلفة البناء والتشييد بمستوي لا يتناسب مع قدرات المواطن المصري الذي يسعي إلي بناء مسكن له ولأولاده سواء بالريف أو المدن. ويعتبر ذلك اهداراً للمال القومي المنصرف لأن أموال المواطن المصري هي جزء من المال القومي الوطني.