زياد السحار
التحرش بالشباب.. للتبرع بالدم
بداية.. أشير أن ما أقصده بلفظ "التحرش" لا يحمل مدلولاً جنسياً كما فهم ذلك مندوب وزارة الصحة في محطة مترو الأنفاق بالعتبة وهو يمسك بيد أحد الشباب يحاول إجباره علي التبرع بالدم.. والشاب المسكين يحاول أن يفلت منه.
وعندما حاولت إفهام المندوب أن التبرع بالدم هو عملية تطوعية ليس فيها إجبار. وأن ما يفعله وزملاؤه العاملون في مواقع التبرع بالمحطة بالنداء علي الشباب أثناء خروجهم ودخولهم المحطة أولاً ثم استيقافهم ثانياً واعتراض سيرهم. ثم إمساكهم من أيديهم وجرهم بالقوة إلي الآسرة الموضوعة بالمحطة للتمدد عليها وسحب الدماء منهم برضاهم أو عدم رضاهم كل هذا يعد "تحرشاً" وهو تصرف أحمق غير مسئول لا يليق بهذا المكان العام الذي يتردد عليه ألوف المصريين يومياً.. ولا يليق بوزارة الصحة التي يفترض فيها أن تتعامل مع الناس بطريقة إنسانية متحضرة.. وليس بهذا الأسلوب الهمجي الذي مازلت أصر علي أنه تحرش يعاقب عليه القانون.. رغم استهجان مندوب الوزارة بهذا اللفظ مبرهناً أنه يدعوه للتبرع.. وأنه لا يريد أن يقبله..!!
ولا أدري هل مثل هذا الموظف وزملائه المنتشرين في كل أرجاء المحطة يمارسون هذا الأسلوب المستفز لديهم تعليمات بذلك من رؤسائهم كبار المسئولين في وزارة الصحة.. أم أنهم يفعلون ذلك من تلقاء أنفسهم وقد اعترف لي هذا المندوب أنهم يتلقون حوافز مالية علي قيامهم بهذه المهمة تزيد كلما جمعوا أكبر قدر من دماء المتبرعين في هذا المكان الحيوي الذي يعد موقعاً استراتيجياً يسهل فيه صيد الشباب وامتصاص دمائهم.
***
وبالتأكيد.. فإن هدفي من إبراز هذه الظاهرة الغريبة ليس رفضاً لحملات التبرع بالدم أو تحريضاً للشباب عن الامتناع.. بل بالعكس تماماً فإنني أدعوهم وأدعو كل القادرين شباباً وكباراً من أجل التبرع بالدم.. ولكن طوعاً وليس إجباراً أو عنوة كما يفعل هؤلاء المندوبون.. وإنني أقدر تماماً الظروف القاهرة ونحن بالفعل بحاجة للمزيد من الدم بسبب كثرة الأمراض الخطيرة والمزمنة وحوادث الطرق أو الإرهاب الجبان الذي يضرب شعبنا من وقت لآخر.
ولكن التبرع بالدم هو عملية تطوعية أولاً وأخيراً يجب أن يقبل عليها الناس بشهامة وقناعة ورضا وليس بهذا الأسلوب السييء الذي يجعل الناس ينفرون بل ويهربون من مثل هذه الحملات.
وأتصور أنه إذا ما استمرت الوزارة علي هذا النهج سيأتي اليوم الذي لا تجد فيه نقطة دم واحدة وستعاود ممارسة أساليبها القديمة بالتعامل مع محترفي بيع الدم من الفقراء والمحتاجين وضعاف الصحة وفيهم المدمنون وغيرهم من المتعاملين مع مافيا تجارة الأعضاء وبيع الكلي والأكباد في ظل الفشل الحكومي وتدهور أحوال الوزارة المسئولة عن صحة المصريين.
***
وأتصور أنه إذا كانت الوزارة لديها سياسة عملية ناجحة لتوفير أرصدة كافية من الدم فقد كان هناك اقتراح تبناه المختصون في الماضي فيما يطلق عليه "بنك الدم" فعلياً وليس مجرد اسم بأن يكون لكل متبرع رصيد من الدم مسجل باسمه بما يشبه دفتر التوفير أو كارت الفيزا يمكن استخدامه عند الحاجة سواء له أو أسرته بعدد مرات تبرعه يقدم له مجاناً أو بأسعار زهيدة وليس مبالغاً فيها كما يحدث الآن وإذا لم يجب المستشفيات بحثاً عن فصائل معينة.. وفي نفس الوقت سيكون في بنوك الدم أرصدة كافية بإقبال الناس علي التبرع طواعية أو إدراكاً منهم أن الدم المسحوب منهم سيمكنهم الاستفادة منه عند الحاجة بعيداً عن التجارة التي أصبحت للأسف سمة لكل شيء يتعلق بالصحة في بلدنا!
***
انسحاب عيسي.. ومصاطب الفضائيات
اعتذار أو انسحاب الصحفي والإعلامي إبراهيم عيسي عن تقديم برنامجه وتبريره ذلك بضيق الصدور من كلامه.. أراه بغض النظر عن ذلك تصرفاً ذكياً قد يعزز من مكانته لدي الناس بعد أن ملوا مثل هذه البرامج الكلامية الليلية بعدما تحولت إلي مصاطب ومحاضرات غابت عنها المهنية وسيطر عليها تضخيم ذوات المذيعين ومقدمي البرامج بعدما علقت صورهم في الشوارع والميادين وغلب علي بعضها أجواء المصاطب حيث يتحدث البعض في أي موضوع ويقول أي كلام حتي الأمور الشخصية أو التافهة.
وأتصور أن الإعلامية مني الشاذلي أدركت هذا التدهور الإعلامي مبكراً.. ونأمل أن يكون مراجعة مقدمي البرامج وفضائياتهم لأنفسهم بداية لتطوير الإعلام ومحاولة جذب الناس مرة أخري إلي الشاشات.