الأهرام
شريف عابدين
فى المواجهة .. المجد للمناضلين والمرتشين !
كنت قد تطرقت فى مقال سابق إلى تحولات سلبية لافتة غزت الشخصية المصرية خلال العقد الأخير, زادت وطأتها بعد ثورة يناير حيث
أصبح الغلو والتطرف السمة الغالبة على «كاركتر» أو ملامح الشخصية المصرية سواء بالميل إلى التعصب فى فهم الدين واستيعاب الفكر السياسى والثقافى أو الجموح فى التحرر وتقليد الغرب بلا عقل أو مواءمة واقعية. وقد تساءلت حينذاك عن التغيير الأكبر المتوقع فى الشخصية المصرية مع بدء الإصلاحات الاقتصادية الموجعة, وأعتقد أننا بدأنا مبكرا جنى ثمار فاسدة للإصلاحات حيث نفاجأ فى تعاملاتنا اليومية مع البشر وعبر وسائل التواصل الاجتماعى بما يثير الصدمة ويبعث على الجنون بسبب سلوكيات يغلفها التناقض والازدواجية, الشك والتوجس, والميل لتبرير الأخطاء بلا منطق, وتجاهل العلم فى التفكير, وكلها بقاع سوداء تكاد تخفى الثوب الأبيض الناصع الذى كان يميز الشخصية المصرية فى سالف العصور.

فعندما يخرج العشرات فى جنازة المستشار السابق المتهم بالرشوة فى مجلس الدولة مرددين «لا إله إلا الله, الشهيد حبيب الله» ولا يتوقفون عن ذكر مناقب المتوفي, فأنت إذن أمام قطاع من الشعب يبرر الجريمة ويحتفى بالفاسد وكأنه نجم سينمائى!

وينتمى لنفس الفكر المشوه والعقل المشتت من أصبغوا على مؤسس حركة «6 أبريل» صفة المناضل إثر خروجه من السجن بعد قضائه مدة العقوبة عن اتهامات بالإخلال بالأمن, وكدت أصاب بمس جنونى حين بلغ الشطط بالبعض درجة تشبيهه بالمناضلين ـ غاندى ومانديلا ـ ولاينفصل هذا السلوك الذى يعبر عن فقدان الثقة فى السلطة واتساع الهوة معها, عن تربص البعض بجهات التحقيق والتشكيك فى نزاهتها بدلا من إبداء التقدير لدورها فى الإيقاع بالفاسدين والخارجين على القانون. ولن يكون أبدا مطلبا مترفا أن ندعو الحكومة لإخضاع تلك السلوكيات لدراسة اجتماعية جادة واحترام توصياتها وتنفيذها لأن الحكومة مسئولة كسابقاتها عن هذه الحالة العبثية التى بلغها قطاع يعتد به من الشعب, يحتفى بخريجى السجون والمرتشين ويعتبر من يقع فى قبضة العدالة لا ظهر له أو تخلى الكبار عنه, ولن ننسى عبث الدراما وأفلام السينما فى عقول أجيال ترى «عبده موتة والأسطورة» من القديسين !.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف