بعد "الإصلاحات" الأخيرة التي أثقلت كاهل المواطن. تبدو مصر الآن في وضع دقيق وحرج. هي الآن عند مفترق طرق. إما أن تكون. أو لا تكون.. تلك هي المسألة. أو المشكلة.. بتعبير "شكسبير".. فإذا استمرت الأسعار في الارتفاع. فليس بمقدور أحد التنبؤ بالعواقب.. وإذا كانت الإصلاحات حقيقية. فقد تكون بداية الانطلاق والتغيير.
أول ما تحتاج إليه مصر هو العلم وبناء الإنسان.. العلم يقودنا إلي تطوير الزراعة ونشر الصناعة.. وإذا ترسخ العلم وبات منطلقاً لكل شيء لا يهم الديمقراطية أو العناوين البراقة مثل حقوق الإنسان وغيرها.
إذا لم يحدث ذلك يصبح السؤال: ما هو النظام السياسي الذي ستتبناه مصر خلال المرحلة القادمة.. ويكون قابلاً للبقاء والتطور.. هل ستتبني مصر المصالحة المجتمعية الشاملة. فيعود المعارضون المارقون. ويعتذرون لمصر.. وبالتالي تعود إلي الوطن التعددية الحزبية التي كانت يوما ما تضم 21 حزباً سياسياً؟!!
إذا أخذنا طريق العلم والعمل والإدارة الناجحة ستتحول مصر إلي دولة قوية لها مصادر دخل حقيقية قادرة علي القيام بدورها داخل المنطقة. أما إذا بقينا داخل دائرة الخوف فسوف نبقي خائفين. والخوف لا يولد إلا العجز.. ومن الحق أن نعترف أننا نعيش في منطقة خطيرة. تهيمن عليها المؤامرات والحروب. فمشاريع النهضة التي تبناها محمد علي وعبدالناصر. ضُربت.. بل إن تدمير سوريا وتكسير عظامها سببه الأول النهضة الاقتصادية التي حققتها هذه الدولة.. ففي عام 2010. كانت ديون سوريا صفراً. وكانت صناعة النسيج السورية هي الأفضل في المنطقة وبلغ إجمالي الناتج القومي أكثر من 64 مليار دولار.. وشكلت سوريا مع حليفيها إيران وحزب الله محوراً قوياً للمقاومة أزعج الأعداء والمتآمرين.
إذا عدنا إلي مصر فإننا نحتاج إلي إصلاح شامل في الداخل.. فهنا في مصر يحتكر المستثمرون الأجانب ووكلاؤهم من رجال الأعمال موارد البلاد وأرضها.. وهنا علي أرض مصر قنوات فضائية تبث الخلاعة وتقدم وجبات الجنس ناخرة كالسوس في أخلاق الأسرة المصرية.
ليس هذا وحسب. بل إن النظام القضائي يحتاج إلي إصلاح جذري حتي تتحقق العدالة في مصر وحدها. يفاجأ الناس بأحكام صادرة ضدهم دون علمهم.. والفساد للركب في كل دواوين الحكومة. وليس المحليات فقط.
إن وضع مصر المحروسة علي الطريق الصحيح جد بسيط وواضح. شباب مصر هم الطاقة وأرض مصر بها من الكنوز الكثير. فتوشكي والنوبة وحلايب وشلاتين وشمال سيناء وجبل العوينات والساحل الشمالي كلها مواضع صالحة لاحتضان مشروعات صناعية وزراعية كفيلة بالخروج بسكان مصر إلي الإنتاج والعمل. هذه المشروعات كفيلة بأن تنقل مصر المحبوسة في القاهرة والمدن. أمام شاشات التليفزيون والمقاهي والأزقة التي تتناثر في شوارعها مخلفات القمامة إلي بر الأمان حتي تستحق أن توصف بأنها "محروسة".
وأنا هنا لا أضع كل التهم في رقبة المسئولين وأبرئ المواطنين.. والآن هناك قدر من الصواب في الحكمة القائلة "كل شعب يستحق حكامه".. فإننا لا نبرئ أنفسنا كمصريين.. نحن بحاجة لأن نتغير.