لماذا نكتب الكتب مادمنا لا نجد من يقرأها.. الحق ان أحدا لا يجدها.. أين تختفي كل تلك المطبوعات؟
هل أصبح المؤلفون أكثر من القراء وان ابدع بعضهم.. أم ان الناشرين تحولوا إلي تجار وان حصلوا علي أعلي الشهادات؟
ما بالنا بأزمة الدولار التي تطفيء وهج الثقافة والصحافة ومن يتعامل بالورقة والقلم وتلك ميزة لمن لا يريدون وجع الدماغ!
كان الأمل في مطبوعات الصحف القومية ولكنها للأسف لا تقوم بدورها.. تنشر ما لا يغري بالقراءة فيبدو قبول نشر الكتب بالواسطة أو الالحاح.. ويبدو ان الحرص علي توزيعه ونشره بين الناس ليس في الحسبان.
تنتقل العدوي إلي صفحات الأدب في الجرائد والمجلات إذ يكون الاهتمام - الا قليلا - بالعلاقات العامة أو بمن يرسل كتابة هدية يتبعها بتليفونات.
رحم الله جلال السيد الناقد الأدبي والصحفي بجريدة الجمهورية الذي كان يبحث عن الكتب ويشتريها وقد لا يشير إلي الكتب التي تأتيه هدية إذا كانت لا تستحق.
ورحم الله خالد السرجاني الذي نذر نفسه لنشر الثقافة علي صفحات جريدتي التحرير والأهرام وكان أيضا يشتري الكتب ويقدمها هدية لمن يجد عنده اهتماما بها حتي ولو لم يكن يعرفه.
واصل إلي كبيرهم رجاء النقاش الذي لم يكتب فقط عن كتب وأدباء لهم قيمتهم وإنما عرفنا علي مؤلفين مصريين وعربا فأصبحوا نجوما.
هذا وقد أصبح تأليف الكتب سهلا فكثيرا ما يكتفي المؤلف أو المؤلفة بالبحث عن عنوان راقص! ولست ألوم أحدا فزماننا أصبح هكذا.
وعندما نأتي إلي ما تصدره وزارة الثقافة من كتب عديدة كثير منها له قيمة يكون العنت أكبر في البحث عنها مع ان لها مكتبات أنيقة في أكثر من مكان!
وحديثي اليوم عن كتاب له أهميته اصدرته هيئة قصور الثقافة بعد أن تم عرضه علي أكثر من دار نشر فلم تتحمس لأنها نظرت إليه كسلعة وليس كقيمة.. ومع هذا كان تقديرها خاطئا.
الكتاب هو "مذكرات الدكتور عبدالقادر حاتم" رئيس وزراء حرب أكتوبر وأشهر وزير اعلام في سنوات عبدالناصر وأنور السادات وهو الذي انشأ التليفزيون المصري ورائد صناعة السياحة.
أعد المذكرات للنشر وتحمس لها وقدمها في أحسن صورة الكاتب الأديب والصحفي إبراهيم عبدالعزيز مدير تحرير مجلة الإذاعة والتليفزيون.
الدكتور حاتم صاحب ذاكرة حديدية.
حريص علي الا يجرح أحدا.. وكل ما قاله عندما ألغيت وزارة الإعلام: كيف يقطعون لسان الدولة؟! وعندما سئل عن حال التليفزيون قال انه لا يحب ان يتكلم في السياسة.
كان يؤمن بأن أهل الخبرة أولي من أهل الثقة.
روي لعبدالناصر نكتة عن أيام هتلر إذ كان التليفزيون الألماني يذيع خطب الفوهرر بمناسبة وبدون مناسبة والمواطن مضطر لسماعه ولكن الأولاد الذين أصابهم الملل طلبوا من أبيهم أن ينتقل إلي محطة أخري. اجابهم: حاضر ولكن بعد أن يطفيء جارنا عضو الحزب النازي النور ونعرف انه نام فلا يبلغ عنا.. فلما حدث غيروا المحطة وإذ بوزير الدعاية جوبلز يظهر لهم علي الشاشة شاهرا مسدسه ويشخط: ارجع للقناة الأولي تاني.. وكانت تلك النكتة ردا علي المزايدين المطالبين بالاسراف في إذاعة خطب الرئيس!
عن محاولة اغتيال عبدالناصر في ميدان المنشية بالاسكندرية نفي تماما ان تكون تمثيلية لزيادة شعبية الرئيس فمثل تلك الأمور لا تتم بالرصاص الحي!!
عندما ترك الوزارة تذكر ما قاله طه حسين عندما أصبح وزيرا عن الذين كانوا يحرصون علي زيارته ثم ابتعدوا عندما ترك منصبه.. قال طه حسين عبارته الشهيرة "أتيتم حينما أتت وادبرتم حينما ادبرت".. ولكن حاتم لم يواجه مثل هذا الاحساس.
المشير يهدد بضرب هيكل علقة
اتصل المشير أحمد إسماعيل وزير الدفاع بالدكتور حاتم غاضبا بعد مقال محمد حسنين هيكل الذي شكك فيه من قدرة الجيش المصري علي العبور واقتحام خط بارليف وقال المشير انه سوف يستدعي هيكل ويضربه علقة!
هذا وقد تمت الاستفادة من نفس المقال لخداع إسرائيل قبل حرب أكتوبر.
علي أمين في الأهرام صدفة
لم يكن مقررا أن يخلف علي أمين محمد حسنين هيكل في رئاسة الأهرام ولكن تصادف ان كان الرئيس السادات يتحدث إلي الدكتور حاتم عن مخاوف علي أمين من إلقاء القبض عليه وهو ما لم يكن واردا.. ثم عن ادارة تحرير الأهرام الذي كان قد تولاه حاتم فقال السادات: ما عندك علي أمين وقد كان.
ومضت الأيام وكتب علي أمين مقالا يطالب فيه بالكشف علي عقول كل الحكام العرب. لم يعجب حاتم فمنعه وكتب بنفسه مقالا بدلا منه.. وكانت النهاية!!
شخصيات عرفها وكتب عنها
طه حسين وتوفيق الحكيم وعباس العقاد والشيخ محمد الغزالي واحسان عبدالقدوس وأم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وصلاح أبوسيف وكمال الملاخ وسعيد فريحة وناكاسوني رئيس وزراء اليابان ومصطفي أمين الذي انصفه وكتب عنه في مذكراته انه بريء من تهمة التخابر وقد سجن تسع سنوات بسبب اتهام خططت له مراكز القوي وتعرض لتعذيب رهيب حتي يعترف بجريمة لم يرتكبها.
كان مصطفي أمين وصحفيون آخرون قد احسنوا استقبال أنور السادات وساعدوه بعد خروجه من قضية اغتيال أمين عثمان باشا ولكنه بعد أن أصبح رئيسا "ابقاني في السجن أربع سنوات أخري" كما قال مصطفي أمين.
عندما قابلت أم كلثوم الرئيس السادات قالت له: مصطفي أمين بريء.. أجابها: سوف افرج عنه بعد المعركة.
وقال مصطفي أمين: الصحافة يمكنها أن تسقط حكومات ولكن في امكان الحكومات ان تغلقها أو تحكمها أو ترأس تحريرها تنطقها بما تريد أن تقول!
عن رفع الرقابة عن الصحف قال مصطفي أمين: إذا وضعت يدك علي فمي 30 سنة فلا انتظر منك ان اقول لك: كيف حالك يا سعادة البيه!!
في كل زيارة لليابان معه زوجته
وزيرة يابانية سألت السيدة مديحة عبدالجواد زوجة الدكتور حاتم: لماذا تصحبينه دائما في كل زيارة يأتي فيها إلينا؟ اجابتها مازحة: اعرف ان اليابانية تطبخ أكلا شهيا. اخشي أن يحبه فيتزوج يابانية!
طلب الدكتور حاتم من ابنه الدكتور طارق أستاذ الهندسة بالجامعة الأمريكية الا ينشر المذكرات الا بعد وفاته.
قام ابراهيم عبدالعزيز بكل ما يملكه من كفاءة وصدق وحب بتقديم مذكرات رجل عاش في خدمة مصر وعرف الكثير من الأسرار.
بقي ان تقدم الهيئة العامة لقصور الثقافة طبعة ثانية وثالثة ان لزم الأمر!
كلمات قصيرة
* حتي نتحمل الغلاء وهو بلاء علينا ان نكشف الفساد ونقضي عليه وان يغلق "علي بابا" المغارة ويتوقف عن "افتح يا سمسم"!
* يستحق سمير حلاوة الرئيس الأسبق لمصر للسياحة لقب "قديس السياحة المصرية" فهو لا يكف عن الدعوة للطريق الصحيح لتنشيط السياحة لمصر وعنده حلول وتجربة وليست له مصلحة أو بيزنس.. ولكن لا أحد يسمع أو حتي يريد أن يسمع.
* كيف يعمل الوزراء المهددون بالتغيير حتي يحين موعد خروجهم آخر الشهر أو بعده بأيام والله أعلم.. الوزراء عشرة والله أعلم؟!
* سأل زميل من موقع جريدة التحرير "جمال مبارك" بعد أن شهد هو وشقيقه علاء مباراة مصر وتونس: هل تنوي الترشيح لانتخابات الرئاسة القادمة؟ أجاب: لا تعليق خللينا في الماتش دلوقتي!
* اعلان جميل عن رحلات مصر للطيران إلي باريس وروما واسطنبول قاعدته برج ايفل بالعاصمة الفرنسية راكب عليه الكابيتول أشهر معالم العاصمة الايطالية وعلي القمة طربوش تركي أحمر مايل.. كلما رأيت الاعلان ابتسمت!