الجمهورية
محمد الشحات الجندى
المشروعات الصغيرة
يعتبر الاسلام أن أفضل طرق كسب الرزق العمل باليد فيقول الرسول صلي الله عليه وسلم: ما أكل أحد قط طعاما خيرا من أن يأكل من عمل يده. وان نبي الله داوود كان يأكل من عمل يده والعمل باليد نموذجه المشروعات الصغيرة فهي وحدات انتاجية محدودة يقوم فيها الفرد بالعمل في أنشطة تنموية واستثمارية بغرض نفع نفسه والمجتمع.
وتتميز المشروعات الصغيرة بأنها مدخل اساسي للتنمية الاقتصادية. لانها تتيح لكل فرد ان يشارك بقدر استطاعته في التنمية وينخرط في المشروع افراد لم تتح لديهم فرص الاستثمار في المجالات الاقتصادية الكبيرة. بما يتفق مع امكاناتهم وقدراتهم الذاتية. في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية وهي نقطة البدء في عملية التنمية.
وطلب الكسب من المسلم بالقدر الذي يكفيه ويقدر عليه فريضة شرعية. وخطاب قرآني للمؤمن يدل عليه قوله تعالي: "يا أيها الذين آمنوا انفقوا من طيبات ما كسبتم ومما اخرجنا لكم من الارض" البقرة .267
وروي عن الرسول - صلي الله عليه وسلم - طلب الكسب بعد الصلاة المكتوبة هي الفريضة بعد الفريضة والمعقول يشهد له كما يقول الامام الشيباني صاحب ابي حنيفة: فإن في الكسب نظام العالم. والله تعالي حكم ببقاء العالم الي حين فنائها. وجعل سبب البقاء والنظام كسب العباد. وفي تركه تخريب نظامه. وذلك ممنوع منه.
والانسان يبدأ بكسب ما يقدر عليه. وذلك في حدود قدراته. وما يملكه من عناصر انتاجية. برأس مال صغير. مع بعض الافراد الذين هم في مثل ظروفه واحواله يستهدفون من ذلك الكسب في عمل صغير للحصول علي القوت الضروري لهم ولذويهم. وهم مأجورون عن عملهم هذاو يشاركون بإيجابية في إغناء انفسهم وعيالهم. ويبتعدون به عن ولوج طريق الحرام. ولا يكونون عالة علي أحد أو من العاطلين المتبطلين.
وقد أثنت السنة علي من يكسب قوته ويكد من أجله من رسول الله صلي الله عليه وسلم بقوله: من اصبح آمنا في سربه معافي في بدنه عنده قوت يومه. فكأنما حيزت له الدنيا بحذا فيرها.
ومغزي الحديث واضح في ان يقنع الفرد بما يسره الله له من الرزق الحلال. وان يرضي بما قسم الله له. وان يسعي جاهدا ليكسب ما يقوت به نفسه واهله. ويكتفي بما اكتسبه ولو كان قليلا فهذا يغنيه عن شر السؤال.
ويجب ان تعين الدولة الفرد علي ما يكسب به رزقه. وان تساعده علي ان يعمل بدلا من ان يتسول او يكون قوة عاطلة تنفث شرور البطالة في المجتمع والقدوة في ذلك ما فعله الرسول صلي الله عليه وسلم فيما رواه أنس بن مالك. قال جاء رجل الي النبي صلي الله عليه وسلم فشكا اليه الفاقة ثم رجع فقال يارسول الله لقد جئتك من أهل بيت ما أراني ارجع اليهم حتي يموت بعضهم فقال: انطلق هل تجد من شئ فانطلق فجاء بحلس وقدح فقال يا رسول الله: هذا الحلس كانوا يفترشون بعضه ويلبسون بعضه. وهذا القدح كانوا يشربون فيه فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم من يأخذهما مني بدرهم فقال رجل: انا يارسول الله فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم من يزيد علي درهم؟ فقال رجل: انا اخذهما بدرهمين فقال: هما لك قال: فدعا الرجل فقال: اشتر فأسا بدرهم وبدرهم طعاما لأهلك. قال: ففعل ثم رجع الي النبي صلي الله عليه وسلم فقال: انطلق الي هذا الوادي فلا تدع حاجا ولاشوكا ولا حطبا ولا تأتني خمسة عشر يوما فانطلق فاصاب عشرة دراهم ثم جاء الي النبي صلي الله عليه وسلم فأخبره فقال: انطلق فاشتر بخمسة دراهم طعاما وبخمسة كسوة لاهلك فقال يا رسول الله بارك الله فيما أمرتني فقال: هذا خير من ان يجيء يوم القيامة وفي وجهك نكتة المسألة. ان المسألة لا تحل الا لثلاثة: لذي دم موجع أو غرم مفظع أو فقر مدقع.
يؤخذ من ذلك ان المسلم الحق لا يذل نفسه وانما يحرص علي ان يكسب قوته لنفسه واهل بيته بالطريق المتاح له. انطلاقا من أن المسلم لا يكون عاطلا او متبطلا. وانه طاقة ايجابية نافعة له ولمن حوله مهما كانت الظروف والاحوال.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف